للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت تأتي من جوانب متناقضة، كانت تاتي من جانب الشيوعيين فأقول لنفسي: ربما في الأمر مغالاة فقد دأب بعض الشيوعيين أن يقولوا عن كل من خالفهم في الرأي إنه عميل الاستعمار، وكانت تأتي من جانب الأخوان المسلمين فأقول لنفسي: وهؤلاء بيتهم من زجاج فهم آخر من يحل له أن يقذف الحجارة، وكانت تأتي من بعثيين تائبين فأقول لنفسي: هؤلاء في أواصرهم في لبنان حيث المجلات الأدبية تقتتل حتى الموت في سبيل الرواج. . . كنت أقول: للنقاد المصريين والعرب: ربما كنتم تغالون في أمر حوار، إن كل ما أراه فيها هو ما أراه في المنظمة العالمية لحرية الثقافة، وهو أنها منبر ثقافي تجمع حوله اليسار المعادي للماركسية، وأكثرهم من الماركسيين الذين ثاروا على الماركسية: ستيفن سبندر، ايناتزيو سيلوني، ارثر كيسلر، الخ، كلهم كانوا شيوعيين وكلهم ثاروا على الشيوعية، إن هذه أحدث الأساليب العلمية في مقاومة الشيوعية أن يخاطب المثقفون التقدميون بلغة الثقافة التقدمية حتى لا ينحرفوا إلى الشيوعية، والمنظمة العالمية لحرية الثقافة انشئت لتجميع المثقفين التقدميين ضد الشيوعية على أسس ثقافية تقدمية، وهذا أمر مشروع في حرب العقائد الدائرة رحاها اليوم في العالم ونحن نفعله في مصر حين تصدر مجلة "الفكر المعاصر" التي يرأس تحريرها الدكتور زكي نجيب محمود (١) أن الاعتراض الوحيد الذي أرى وجاهته في موضوع المنظمة وحوار هو أنهما قائمتان بتمويل مؤسسات ثقافية أجنبية، وهما تعترفان بهذا صراحة، وتعلنانه في كل مناسبة، وهذا أشرف ألف مرة من أولئك السادة الذين يقبضون من الأجانب في الظلام ويمشون بين الوطنيين كالشرفاء) (٢) (٣).

هذا الدفاع الذي استبسل فيه لويس عوض عن حوار والمنظّمة العالمية وتوفيق صايغ، ليس دفاعًا عن هؤلاء فحسب بل هو دفاع عن نفسه أيضًا،


(١) لاحظ التبريرات الهابطة، والأعذار السخيفة، التي يغطي بها لويس عوض على انتمائه للغرب وعمالته لهم.
(٢) هذا اعتراف من لويس عوض بوجود عملاء في الظاهر وفي السر.
(٣) توفيق صايغ سيرة شاعر ومنفى: ص ١٥١ - ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>