للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثار الإلحاد تحت أسئلة الشك والريب التي تبدو في ظاهرها بريئة وساذجة، وأثار أمور الجنس بصورة تجعل الفاحشة هينة بسيطة، وتسوغ تعاطي الجنس كالماء والهواء، وتسوغ شرب الخمر والحشيش والرذائل الخلقية (١).

وضع نجيب محفوظ كل هذه القضايا وغيرها على لسان شخصيات رواياته، ونطق هو بها ولكن من خلف أقنعة هذه الشخصيات التي تبدو أنها لا تفرض رأيها، وأنها مجرد صور لبعض حالات موجودة في المجتمع، ولكن القارئ يخرج منها وقد اشتعلت في ذهنه أسئلة الشك، والتهب في قلبه جحيم الجنس إلّا من عصم اللَّه.

لقد حقق نجيب محفوظ الشرط الثاني لنيل الجائزة، وهو ربط المجتمع والأمة بالقيم والأفكار والعقائد الغربية، وبذلك رضي عنه اليهود والنصارى.

بيد أن أهم عمل أشارت إليه لجنة جائزة نوبل هو روايته "أولاد حارتنا" التي هي نفثة سم زعاف من صدر مريض، وعقل خرب، وقلب مليء بالحقد على الإسلام والمسلمين.

إن الروائي يدس فكره بين شخصيات روايته، ويوصل رأيه من خلال الحوارات والمواقف العديدة. يقول نجيب محفوظ في هذا الصدد: (إن الأديب يختار شخصياته لأنه وجدها صالحة للتعبير عن شيء ما في نفسه، كان يجدد شخصية تتسم بالضياع، وكان الأديب وقتها يشعر بالضياع أو شخصية ثائر وكان وقتها يعاني من ثورة مكبوتة. . .، المهم أن الرواية ككل يجب أن تعبر عن وجهة نظري) (٢).

لقد قرر نجيب في رواية أولاد حارتنا أن يسلك مسلك نيتشه الذي


(١) انظر: المصدر السابق: ص ٥١.
(٢) مجلة الشباب، عدد إبريل ١٩٨٩ م/ ١٤٠٩ هـ: ص ٢٢ و ٢٣ نقلًا عن أدب نجيب محفوظ: ص ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>