للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأربط بحبل الدقائق أهوائي. . .) (١).

وإنه لمن عجائب الأمور أن تجد الحداثيين يتمردون على اللَّه تعالى وشرعه ودينه، وعلى القيم والأخلاق والنظم والعقل، ثم ينخرطون في تبعية هذا المتعالي بنفسه، المنتفش بالجهل والكذب والانحراف والضلال، فإذا وصف نفسه بأنه رب أو إله أو ضوء أو نهار أو نهر فلا تجد من الأتباع إلّا الموافقة والتصفيق والإعجاب!!!.

ها هو يكتب عن نفسه أو عن فكرته ويرمز لها بالضوء، وينعته بالخلق فيقول:

(أيها الضوء

خلقت إلهًا ويرفضك الظلام

ألهذا كنت العين الوحيدة التي خلقت من أجل

أن تسكنها الظلمات

ألهذا كنت الخالق يلبس شكل الخليقة. . .) (٢).

ومع ذلك لا تجد من أتباع أدونيس -وأكثر الحداثيين أتباع له- إلّا التصديق والانقياد والقبول؛ لأنه صور لهم أنهم سيكونون بمجرد اتباعهم له ومحاكاتهم لفكره وشعره في منزلة أعلى من البشر وأرفع من الإنسان، إنها منزلة "الربوبية" التي طالما خادعهم بأنهم سيرتقون إليها في مثل قوله: (الإنسان كائن خلاق -يشارك في الخلق الإلهي، وليس الخلق الشعريّ إلّا صورة للخلق الكونيّ بكامله. . .) (٣).

لقد سولت لهم أنفسهم سوء أعمالهم وأضلهم "سامريّ الحداثة" فأخرجه لهم عجلًا جسدًا له خوار هو عجل الحداثة الذي ألهوه وعبدوه من


(١) الأعمال الشعرية لأدونيس ٢/ ٥٩٠ - ٥٩١.
(٢) المصدر السابق ٢/ ٦٧٠ - ٦٧١.
(٣) الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة: ص ١٥٧، ونحوه في ص ٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>