للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون اللَّه وقالوا لن نبرح عليه عاكفين قائلين: (ليس الشعر رسمًا بل خلق) (١) و (. . . الشاعر هو من يخلق أشياء العالم بطريقة جديدة) (٢)، وإذا سألتهم من أنتم؟ أجابوا: (نحن هدامون وكل منا قائد اللوعة والرماد. . . هكذا نعلن أنفسنا غواة وخائنين، الهاوية تأتي معنا تعرف ذلك سنعمقها سنوسعها، سنصنع لها أجنحة من الريح والضوء) (٣).

وإن استفسرت عن وسيلتهم في هذا الهدم والضلال قالوا: الحضور الشعريّ: (هذا الحضور الوحيد الفاجع المعزول، والذي هو مع ذلك الحضور البهي الصامد الباقي العنيد حتى الحجر وحتى الريح، هذا الحضور مطلق ينظم الواقع حوله، وفق اشعاعه، وبحسب دفعته، إنه معطٍ، خالق، وليس وارثًا، نحن نخلق ولا نرث) (٤).

وفي سراديب ضلال وانحراف وإفساد يتقلب بهم كاهن الحداثة من عجل إلى صنم إلى وثن، متخذًا لهم آلهة وأربابًا من دون اللَّه، فبينما الشعر وسيلة هدم ونسف إذا به فجأة "المطلق والخالق" وإذا بهم ينقلبون فجأة كذلك من كونهم عبيدًا للحضور الشعريّ والإبداع إلى كونهم خالقين، ويصرخ بهم في تشجيع وتحفيز قائلًا لهم: (اللاتقليديّ، الرائد، إنسان الرفض المستبق الخالق السهم الراثي البكر النقيّ المغسول، إنسان البداية والنموذج أبدًا، هذا ما نتطلع إليه ونبشر به، هذا هو مجتمعنا وقارئنا وصديقنا هذا هو عالمنا) (٥).

وأي صراحة أوضح من هذه على أن القوم يشقون لهم ديانة جديدة وملة حديثة، يدعون إليها ويبشرون، ملة تقوم على نفي وجود اللَّه تعالى ونسبة الخلق والإيجاد إلى غيره -جلَّ وعلا-، وتسمية غيره خالقًا، وإسناد


(١) زمن الشعر: ص ١١.
(٢) المصدر السابق: ص ١٧.
(٣) المصدر السابق: ص ٢٢٧.
(٤) المصدر السابق: ص ٢٢٨.
(٥) المصدر السابق: ص ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>