للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مختصًا بكاهنهم الرجيم أدونيس، وإنّما هو عند غيره من الكهنة وأتباعهم، وكيف لا يكونون كذلك وأستاذهم هو الذي قرر لهم بأن (الإبداع عمل إيجابيّ محض، وهو خلق ثان للكون. . .) (١)، وبأن (. . . الشاعر يعمل على إعادة خلق العالم ورسمه بخطوط وألوان مختلفة) (٢).

وكيف لا يكونون كذلك؟ وهم وإياه رضعاء ثدي الحياة المادية الغربية الإلحادية، فلا غرو أن تتشابه أقوالهم؛ لأن قلوبهم قد تشابهت، ومواردهم تماثلت، ومقاصدهم تشابكت، فها هو أحدهم يقول مفتخرًا بجهله وضياعه: (لا ثقة لدي ولا يقين) (٣) فماذا يعمل إذن هذا التائه؟ إنه يجيب بجواب لا يتفق مع عقيدة الشك والتيه، إنه يقفز ليقول بكل جراءة: (. . . يجب إذا متابعة التنفس -أخذًا وعطاءً- فنشارك الخالق في عمله الخارق. . .) (٤).

سبحان اللَّه العظيم وبحمده، كيف تجرأ هذا الذي يصف نفسه ويفتخر بانعدام الثقة واليقين ليتطاول على مقام الربوبية العظيم؟!.

قال اللَّه تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤)} (٥).

(ويا لها من نقلة ضخمة بين المبدأ والمصير، بين النطفة الساذجة والإنسان المخاصم المجادل الذي يخاصم خالقه فيكفر به ويجادل في وجوده أو في وحدانيته، وليس بين مبدئه من نطفة وصيرورته إلى الجدل والخصومة فارق ولا مهلة، فهكذا يصوره التعبير، ويختصر المسافة بين المبدأ والمصير لتبدو المفارقة كاملة والنقلة بعيدة، ويقف الإنسان بين مشهدين وعهدين متواجهين: مشهد النطفة المهينة الساذجة، ومشهد الإنسان الخصيم المبين. . .) (٦).


(١) رأيهم في الإسلام: ص ٣٣.
(٢) المصدر السابق: ص ٣٤.
(٣) رأيهم في الإسلام: ص ٥٧ في مقابلة مع رشيد الضعيف وهو نصراني من لبنان.
(٤) المصدر السابق: ص ٥٩.
(٥) الآية ٤ من سورة النحل.
(٦) في ظلال القرآن ٤/ ٢١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>