للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس له في الإسلام نصيب، فإن توحيد العبد للَّه في ربوبيته لا يعني أنه يوحده في ألوهيته، فقد يقر بربوبية اللَّه وأنه الخالق المالك المتصرف، ولا يعبد اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- (١).

وأيضًا (فمن لا يقدر على أن يخلق يكون عاجزًا والعاجز لا يصلح أن يكون إلهًا، قال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١)}) (٢) (٣).

وكذلك توحيد اللَّه في أسمائه وصفاته لا يتضمن أنواع التوحيد الأخرى ولكن العبد الذي يفرد اللَّه بالعبادة لا يتصور أنه لا يؤمن به ربًا خالقًا مالكًا مدبرًا أو أنه لا يعتقد كماله في أسمائه وصفاته؛ لأن إخلاص العبادة لا يكون لغير الرب الخالق، ولا يكون لمن فيه نقص أو عيب (٤).

وعلى كل حال (فإن توحيد الإثبات (٥) هو أعظم حجة على توحيد الطلب والقصد الذي هو توحيد الإلهية لتلازم التوحيدين، فإنه لا يكون إلهًا مستحقًا للعبادة إلّا من كان خالقًا رازقًا مالكًا متصرفًا مدبرًا لجميع الأمور حيًا قيومًا سميعًا بصيرًا عليمًا حكيمًا موصوفًا بكل كمال منزهًا عن كل نقص، غنيًا عما سواه مفتقرًا إليه كل ما عداه، فاعلًا مختارًا لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه ولا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا تخفى عليه خافية، وهذه صفات اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- لا تنبغي إلّا له ولا يشركه فيها غيره، فكذلك لا يستحق العبادة إلّا هو ولا تجوز لغيره، فحيث كان متفردًا بالخلق والإنشاء والبدء والإعادة لا يشركه في ذلك أحد وجب إفراده بالعبادة دون من سواه لا يشرك معه في عبادته أحد كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا


(١) انظر: الإيمان للدكتور محمد نعيم ياسين: ص ١٥.
(٢) الآية ١٩١ من سورة الأعراف.
(٣) شرح العقيدة الطحاوية: ص ٢٨.
(٤) انظر: المصدر السابق: ص ٢٨، والإيمان لمحمد نعيم ياسين: ص ١٥.
(٥) المراد به توحيد الربوبية والأسماء والصفات.

<<  <  ج: ص:  >  >>