للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)}) (١) (٢).

هذا وإن توحيد الألوهية يشتمل على العبادة الكاملة الشاملة للَّه تعالى وهي التلقي من اللَّه تعالى في كل شأن من شؤون الحياة، وكما نتلقى من اللَّه تعالى أمور العبادات المحضة التي هي شعائر التعبد من صلاة وصيام وحج وزكاة، كذلك نتلقى منه أمور الشرائع والنظم التي تحكم أمور حياتنا: (. . . واعتبار شيء من القوانين للحكم بها ولو في أقل قليل لا شك أنه عدم رضا بحكم اللَّه ورسوله، ونسبة حكم اللَّه ورسوله إلى النقص وعدم القيام بالكفاية في حل النزاع وإيصال الحقوق إلى أربابها، وحكم القوانين إلى الكمال وكفاية الناس في حل مشاكلهم، واعتقاد هذا كفر ناقل عن الملة، والأمر كبير وليس من الأمور الاجتهادية، وتحكيم الشرع وحده دون كل ما سواه شقيق عبادة اللَّه وحده دون ما سواه، إذ مضمون الشهادتين أن يكون اللَّه هو المعبود وحده لاشريك له، وأن يكون رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- هو المتبع المحكم ما جاء به فقط، ولا جردت سيوف الجهاد إلّا من أجل ذلك والقيام به فعلًا وتركًا وتحكيمًا عند التنازع) (٣).

هذه هي حقيقة العبادة وحقيقة توحيد الألوهية، وما غرق الناس في هذا الزمان في أعظم ولا أظهر من الشرك في هذا التوحيد بمعناه الشامل لأحكام الشعائر والشرائع، حتى لقد أضحى الشرك في الأحكام والنظم من أيسر وأسهل الأمور عند كثير من أبناء المسلمين ولا حول ولا قوة إلّا باللَّه.

مع أن اللَّه تعالى عدّ التوجه إلى غيره في أمور الأحكام والشرائع شركًا


(١) الآيتان ٢١، ٢٢ من سورة البقرة.
(٢) معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي ١/ ٢٨٦. وانظر: مائتي سؤال وجواب في العقيدة، وتسمى أعلام السنة المنشورة: ص ١٩، وعلم التوحيد للدكتور عبد العزيز الربيعة: ص ٨٤.
(٣) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ١٢/ ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>