للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقوله: (إن بلية الأبناء في هبات الآباء، ومن لا يحرم نفسه من عطايا آبائه وأجداده يظل عبد الأموات؛ حتى يصير من الأموات) (١)، ثم يضيف شارحًا: (وفي هذه المقطوعة يسمى اللَّه والأنبياء والفضيلة والآخرة ألفاظًا رتبتها الأجيال الغابرة وهي قائمة بقوة الاستمرار لا بقوة الحقيقة، شأن الزواج الذي هو عبودية الإنسان لقوة الاستمرار، والتمسك بهذه التقاليد موت والمتمسكون بها أموات، وعلى كل من يريد التحرر منها أن يتحول إلى حفار قبور، لكي يدفن أولًا هذه التقاليد، كمقدمة ضرورية للتحرر) (٢).

ولهذا القول دلالات عديدة منها:

١ - أنه يتخذ جبران سلفًا له في إلحاده وضلاله، ويتخذ قوله رصيدًا لهذا التوجه.

٢ - أن القول الحداثيّ العام العائم الذي لا تظهر دلالاته أول وهلة يكون له عند الحداثيين دلالات أخرى، وشاهد ذلك النص السابق الذي أخذه أدونيس من كتاب المجنون لجبران ليقوم بعد ذلك بشرحه وتمرير عقيدته من خلال التواطؤ المعنويّ بين المعتقدين الفاسدين.

٣ - يصف أدونيس أسس عقيدة المسلمين "الإيمان باللَّه والنبوات والمعاد" بأنها مجرد ألفاظ قررتها الأجيال الماضية، وهي موجودة الآن بحكم الاستمرار وقوته، وليس بقوة الحقيقة.

وهذا القول إضافة إلى كونه إلحادًا صريحًا وكفرًا بواحًا، فهو أيضًا مجرد دعوى يخبط بها هذا المتردي في وجوه المنتكسين والمرتكسين والإمعات، فيعمي به أبصارهم وبصائرهم، ويقذف في قلوبهم الجرأة على ممارسة الإجرام والإفك الثقافيّ والاعتقاديّ.


(١) الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة: ص ١٨٧.
(٢) الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة: ص ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>