للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن إسقاط الألوهية والعبودية بعد جحد وجود اللَّه وربوبيته من أهم الأسس التي تمارسها الحداثة في سائر منطلقاتها وأعمالها على حد ما عبر به أدونيس في قوله:

(أنا المتوثن والهدم عبادتي) (١).

وهدمه يبدأ حسب ما صرح بها مرارًا وتكرارًا بهدم الألوهية وتحطيم معاني العبودية لله تعالى وهو ما قرره في تلمود الحداثة الثابت والمتحول فقال: (لم يعد الإنسان عبدًا للَّه ولا خاضعًا له، أي: لم تعد علاقته به علاقة عبد بسيد. . . ولم تعد هذه العلاقة علاقة مخلوق بخالق. . .) (٢).

وحتى عند الذين قد لا يعدون من غلاة الاتجاه الحداثيّ، أو يشار إليهم بأنهم يمارسون حداثة متعقلة متزنة أو غير ملحدة ونحو ذلك من عبارات التوفيق والتلفيق.

حتى عند هؤلاء نجد النفس الإلحاديّ والتأصيل الشكيّ الهدميّ في مواجهة الدين وأصوله وقواعده، ولنأخذ على ذلك مثالًا بإحسان عباس (٣) الباحث والناقد المعروف صاحب الباع الطويل في التصنيف الأدبيّ الحداثيّ، خاصة في حقل الهوية الفنية للنص والدراسات النقدية التطبيقية من حيث المضمون الفنيّ والفكريّ، وخاصة في كتابه اتجاهات الشعر العربيّ المعاصر، وهو الذي سوف نورد منه النص المقصود.

ذلك أنه بعد أن تحدث عن مفهوم التطور والتحول في الشعر الحديث


(١) المصدر السابق ٢/ ٦٤٢.
(٢) الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة: ص ١٧٣.
(٣) إحسان عباس ولد في فلسطين عام ١٣٣٨ هـ/ ١٩٢٠ م، تخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة ثم منها حصل على الماجستير والدكتوراه عام ١٣٧٣ هـ/ ١٩٥٤ في الأدب العربيّ، عمل أستاذًا للأدب العربيّ في الجامعة الأميركية في بيروت ١٣٨١ - ١٤٠٦ هـ/ ١٩٦١ - ١٩٨٦ م، ثم أستاذًا في جامعة برنستون، له العديد من الدراسات والبحوث والكتب النقدية من منطلق حداثيّ بحت، وفي هذا البحث نقولات عديدة عنه تكشف موقفه الفكريّ والاعتقاديّ. انظر: غلاف كتابه اتجاهات الشعر العربيّ المعاصر، والصراع بين القديم والجديد ٢/ ١٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>