للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باعتباره قانونًا لا فكاك منه، شرح المراد فقال: (. . . وأصبح التطور لا يعني انتقال سمات مذهب شعريّ -في حقبة ما- إلى سمات مذهب آخر، في حقبة أخرى، بل أصبح حركة متسارعة بعدد الأفراد الذين يقولون الشعر، وبذلك قضى على فكرة الخلود الكلاسيكية، وأصبح التميز -في الدائرة الشعرية- مرحليًا، وصحب هذا كله إيمان بأن كل قيمة ثابتة -أيًا كان منبتها ومهما تكن مدة ثباته- فهي تشير إلى الركود أو التخلف والجمود، سواء أكانت تلك القيم تتصل بالدين أو بنمط حياة أو طريقة تفكير، وكان هذا الوجه من النظر يصيب أكثر ما يصيب مؤسسة قائمة على ثوابت ضرورية مثل الدين -وخاصة الدين الإسلاميّ في صورته السنية- من حيث أنه صورة كبيرة من صور التراث، والحق أن الإنسان الحديث حين يعتقد أنه يعيش في كون قد غابت عنه الألوهية، فإنه لابد أن يعيد النظر في كثير من القيم التي كانت تتصل بالنواحي الغيبية، ولكن الإسلام ليس قاصرًا على هذا الجانب، وإنّما هو أيضًا نظام حياة وأسلوب تنظيم، وبما أن التنظيم يعني ثبات قيم معينة، فإن الثورة على التراث كانت تتناول هذا الجانب منه أيضًا. . .) (١).

وهذا النص يحتوي عدة قضايا:

الأولى: أن التطور -أصل الأصول الحداثية- لا يعني التجديد الفنيّ، بل القضاء على فكرة الثبات والأصول والقواعد والضوابط الاعتقادية والفكرية والخلقية.

الثانية: أن أول قضية يتصدى لها "مبدأ التطور الحداثيّ" هي قضية الدين، وتصديه لها بطريقة الزحزحة والإزاحة والإذابة والإبعاد.

الثالثة: أن الدين المقصود والمستهدف من هذه الخطة الإبليسية الحداثية هو دين الإسلام، وعقيدة أهل السنة والجماعة على وجه الخصوص.


(١) اتجاهات الشعر العربيّ المعاصر لإحسان عباس: ص ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>