الرابعة: أن المراد بالتراث عند حديثهم عن مواجهة التراث وهدم التراث ومحاكمة التراث وإزاحة التراث هو الدين الإسلاميّ.
الخامسة: اعتقاد الحداثيين أن الإنسان الحديث يعيش في كون غابت عنه الألوهية، وهذا هو مربط مقاصدهم في مصطلحات التطور وعدم الثبات والتجديد في مقابل الجمود والتراث.
ولعاقل أن يسأل: أي إنسان تريدون؟ إن كان الإنسان الغربيّ حيث القبلة التي وجهتهم لها وجوهكم، فليس هو المعيار لإثبات هذه الدعوى التي تتذرعون بها لجحد الدين ونسف علاقة الإنسان به وإن كان الإنسان المراد هو الإنسان العربيّ حيث الكلام عن حداثة عربية فلاريب أن العربي مهما بلغ تفريطه العصيانيّ ما زال يؤمن باللَّه ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- نبيًا، ولايستثنى من ذلك إلّا المرتدون من أبناء المسلمين من شيوعيين وعلمانيين وحداثيين وباطنيين وأضرابهم، أمّا أصحاب الكفر الأصليّ من نصارى ويهود العرب فهذا هو مضمارهم.
السادسة: أن جحد الألوهية والزعم بغيابها عن واقع الإنسان -والمراد الألوهية التوحدية حسب العقيدة الإسلامية- لا يقتصر عند مجرد الجحد النظريّ بل يمتد إلى كل مقتضيات الألوهية، إلى الإسلام نظام حياة وأسلوب تنظيم؟ لأن النظام ثبات، والإسلام ثبات، ولابد من تقويض الثابت والمؤسس والمنظم والمؤصل، كيما تسود الحداثة الهادمة الفوضوية التخريبية.
السابعة: أن هذا النص وإن كان وصفًا تحليليًا لواقع الحداثة إلّا أنه إقرار ضمنيّ من صاحبه بسلامة وصحة هذا المنحى الإلحاديّ الذي وصفه وشرحه، وهو في أحسن الأحوال يصف وكأن الأمر -أمر الألوهية والدين الإسلاميّ- لا يعنيه من قريب أو بعيد.
ولما كانت الحداثة بهذه المثابة من التصور والاعتقاد، وجدنا أن كتابها ومنظريها ودعاتها وأتباعها يحومون حول هذه المعاني سعيًا لقطع الصلة بالإسلام أولًا؟ لكونه يشكل القوة الفاعلة المناقضة لاعتقاداتهم الباطلة؟