للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أردنا أن نحاكم سقوط هذا الكاتب واضطراب موازينه واختلال انتماءاته لوجدنا الشيء الكثير، والذي قد يتذرع له ويعتذر عنه بالنسبية الفكرية، وعدم القطع، وبالذرائعية الوصولية، وبالتطور المستمر للفكر، وغير ذلك من المعاذير الواهية.

لقد كان هذا الكاتب المنافح عن بقاء الغرب والمستعير لمفاهيمه وفكره وطموحاته إلى حد التقديس؛ كما قال عنه أحد زملائه في أنه (يعطي الأفضلية للإيديولوجية الغربية في مفهوم المواطنة) (١)، وأنه طرحه (يدل على البؤس الفكريّ والأيديولوجيّ الذي يؤصل مفاصل الكثيرين من المثقفين العرب) (٢).

كان هذا الكاتب يتخذ من العلماني الكبير محمد الجابري (٣) رمزًا كبيرًا، ومفكرًا كبيرًا، وأستاذًا عظيمًا، وقدوة في العقيدة والفكر، بل كان يتقمص أفكاره وكتاباته ويعيدها بصياغة أخرى، ثم بعد حرب الخليج الثانية كتب عنه عدة مقالات بعنوان "رمز هوى. . . الجابري وزلزال الخليج" بين فيها سقوط الجابري وزيف فكره وضعف تحليله وقلة بصيرته، فما المانع أن يسقط الشق الماديّ الغربيّ كما سقط الشق الماديّ السوفيتيّ وكما سقطت فلسفاته عند الحمد وكما سقط الجابري؟.


(١) مجلة اليمامة، عدد ١١٩٩ - ٢٢ رمضان ١٤١٢ هـ، مقال لإسحاق الشيخ يعقوب: ص ٦٠ وهو يحاكم التوجه الغربيّ لدى تركي الحمد من منطلق ديالكيتكي. انظر: اليمامة عدد ١٢٠٣: ص ٤ في ٢٦/ ١٠/ ١٤١٢ هـ، واليمامة عدد ١٢٠٠ في ٢٩ رمضان ١٤١٢ هـ.
(٢) محمد عابد الجابري، كاتب ومتفلسف مغربيّ، يعمل أستاذًا للفلسفة في جامعة محمد الخامس - كلية الآداب في الرباط، له مجموعة من المؤلفات والدراسات عن التراث الإسلاميّ مثل نحن والتراث ومعالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلاميّ، وإشكالية الفكر العربيّ المعاصر، ونقد العقل العربيّ، وتكوين العقل العربيّ وغيرها وكلها تنطلق من أساس علمانيّ فلسفيّ. انظر: هموم الثقافة العربية لفرحان صالح: ص ٥ - ٢٧، ومداخلات لعلي حرب: ص ٧ - ١٢٧، والحداثة في ميزان الإسلام: ص ١١٠.
(٣) نشرت هذه المقالات في جريدة الشرق الأوسط، عدد ٤٥٧١ في ٤/ ٦/ ١٩٩١ م/ ١٤١١ هـ و ٤٥٧٢ في ١٢/ ٦/ ١٩٩١ م/ ١٤١١ هـ، ومقال في ٢٣/ ٦/ ١٩٩١ م/ ١٤١١ هـ، ومقال في ١/ ٧/ ١٩٩١ م/ ١٤١١ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>