للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضى، مقياس كل شيء، إذ أن العصر الحديث عصر علمانيّ بدأ حين وعى الإنسان قدرته وأخذ يعرب عن وجهة نظره الفردية المستقلة إلى نفسه واللَّه والكون، ولقد تأتّى له أن يشك، وفي شكه عزم على الاكتشاف لنفسه وبنفسه) (١).

ويؤكد يوسف الخال هذا الاتجاه الكفريّ حين يقول: (. . . إذا فقد الإنسان سندًا له في نظام إلهيّ أبديّ، يرئسه (٢) إله عادل رحيم يحميه ويكافئه هنا أو في السموات، وجد نفسه أمام نظام من صنع يديه لا استئناف لأحكامه إلى سلطة عليا) (٣).

وهو المعنى الذي أشار إليه أدونيس في مؤتمر روما حين قال: (. . . لا يقدر الشعر أن يتفتح ويزدهر إلّا في مناخ الحرية الكاملة - حيث الإنسان مصدر القيم لا الآلهة ولا الطبيعة) (٤).

وتكرر خالدة سعيد كلام زوجها حين تقرر بأن (الشعر يحل مكان الدين ويصبح ميتافيزيقيا المجتمع الحديث حيث يلعب الشاعر دور الآلهة التي اختفت) (٥).

وعلى هذه الأسس قامت الحداثة، وأضحى مطلب الحداثة تحرير الإنسان من الوحدانية والتوحيد، وإسقاط القداسة عن كل شيء "لأن الحداثة وضع تعدديّ مشابه للوثنية اليونانية الجذر الأولى للحداثة الراهنة،


(١) هذا النص ممزوج من كلام يوسف الخال في مقال له بعوان "نحو أدب عربي حديث " المنشور في مجلة أدب المجلد الثاني، العدد الأول شتاء ١٩٦٣ م/ ١٣٨٢ هـ: ص ٩، وكلام محمد جمال باروت المنشور في قضايا وشهادات العدد ٢ صيف ١٩٩٠ م/ ١٤١٠ هـ: ص ٢٥٨.
(٢) هكذا والصواب "يرأسه".
(٣) نحو أدب عربي حديث، مجلة أدب، مجلد ٢، عدد ١ شتاء ١٩٦٣ م/ ١٣٨٢ هـ: ص ٩.
(٤) الأدب العربيّ المعاصر، أعمال مؤتمر روما ١٩٦١ م/ ١٣٨٠ هـ: ص ١٦٩.
(٥) البحث عن الجذور، دار مجلة شعر - بيروت ١٩٦٠ م/ ١٣٧٩ هـ: ص ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>