للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا الطرح نستطيع أن نفهم كيف تؤثر الدراسة والتلقي في العقائد والأفكار، فالبياتي -وهو أحد النماذج الحداثية- تلقى في شبابه عن أستاذه الإنجليزي، ثم استطرد في هذا الميدان ليصبح نسخة عن أي فكر أو عقيدة، إلّا عن عقيدة الإسلام ومبادئه، فمرة يتطوح فكره بين أيدي الأوثان القديمة من الإغريق والبابليين واليونان، ومرة ينطرح في عبادة وإجلال للأوثان الجديدة وخاصة الماركسية والوجودية، وكل هذه المعبودات أثرت في أقواله وأعماله، وكل إناء بالذي فيه ينضح.

وننتقل الآن إلى الطبقة الثانية، وعلى رأسها أدونيس الذي سبق من تقدم، وفاق من لحق بعده، وأضحى رأسًا في حمل لواء الانحوافات والخرافات الجاهلية، وأستاذًا في التعبير عن عقائد الضلال التافهة.

وله في قضية تأليه غير اللَّه باعٌ كبيرٌ، فالذئب والضوء وفينيق والحداثة وذاته والأرض والشمس والعالم والحشرات والإنسان كلها يصفها بالألوهية، مرة بما يقتضي تعبده واحترامه لها، ومرة بما يدل على استخفافه بمصطلح الألوهية ومعناه، وهذه بعض الأمثلة على ذلك، كقوله:

(ومعي الناي - جمعت فيه آفاق بلادي شطآنها وقراها

أطلع اللحن لحنها فكأني واضع بين راحتي إلها) (١)

وقوله:

(يدي هنا غريبة، غريب

وجهي إله حاضري غريب) (٢).

وقوله:

(وبين كل خطوة وخطوة


(١) الأعمال الشعرية لأدونيس ١/ ٢٥.
(٢) المصدر نفسه ١/ ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>