للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلابد أن يسيروا وفق منهج الذي خلقهم ولابد بعد ذلك من حساب وجزاء على ما يقدم الناس من أعمال (١).

وهذه حقائق في غاية البداهة تتداعي براهينها من كل صوب، وتأتي أدلتها من كل مكان، ولكن الذين كفروا لا يفقهون، يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا، وهم عن حقائق الحق والخير غافلون سادرون، وفي أودية الهلكات شاردون، لا يعلمون الحقيقة، ولايعلمون أنهم لا يعلمون، بل يدعون أنهم بكل شيء عالمون!!.

وقد خاطب اللَّه هؤلاء بقوله: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (١١٧)} (٢).

فحكمة خلق الإنسان وهو المقصود بالتكليف والعبادة حكمة ظاهرة، حكمة محسوب حسابها ومقدر وقوعها، ومدبر غايتها، ومرسوم منهاجها، ولا يغفل عن ذلك إلّا المطموسون الجاهلون المحجوبون، الذين لا يتدبرون حكمة اللَّه الكبرى المتجلية في صفحات الوجود كله والمبثوثة في أطوار الكون.

والعبث وأشباهه منفي عن اللَّه الحق المبين، فهو الخالق المالك المتصرف المدبر الحكيم العليم ومن كانت هذه أسماؤه وصفاته فإنه لا يُمكن أن تكون مفعولاته عبثًا، ولا يُمكن أن يوجد شيئًا لغير غاية، وكل ما في الكون يشهد بذلك، ولذلك كانت النتيجة الطبيعية لكل هذه المعاني الإقرار بألوهيته سبحانه دون سواه، وأن كل دعوى بألوهية أحد سوى اللَّه أو مع اللَّه فهي دعوى ليس معها برهان، لا من دلائل الكون، ولا منطق العقول، ولا من مقتضيات الفطرة، {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} لا في مناهجهم


(١) انظر: في ظلال القرآن ١/ ٥٤٦.
(٢) الآيات ١١٥ - ١١٧ من سورة المؤمنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>