فهذا النص والذي قبله يدلان على احترام الحداثيين للكفر وأهله ودفاعهم عنهم، واتخاذهم رموزًا يعكسون على أشخاصهم عقائدهم وأفكارهم وموافقتهم العملية، في مسعى دائب لهدم الإسلام والخروج على أحكامه وشرائعه، وفيها إحياء الوثنية والجاهلية الأولى واستمداد جذور تاريخية واعتقادية من شخصيات ومواقف تلك الجاهلية؛ لإنعاش الجاهلية المعاصرة التي حملتها العقول الصغيرة المتشربة روح المدنية الغربية بثقة عمياء واندفاع كبير ومحاكاة أكبر، تبتديء من العقائد والأفكار والاتجاهات وتنتهي إلى الرموز والأشكال والأساليب الفنية، ولقد اندرج هؤلاء مع أولئك في مخطط العداء لهذا الدين، وتهافتوا معهم ضمن أكذوبة عالمية الأدب، وإنسانية الفنون، وسار بهم الدولاب الغربي في طريق العداء لتراثهم وأمتهم وحضارتهم، وقبل ذلك كله عقيدتهم وملتهم.
وهكذا اندمجت شخصيات الحداثيين العرب في مخطط التنميط الأوربي عن طريق الغزو والاستلاب الثقافي والحضاري.
ومن كان يتصور أن أحدًا ممن ينتسب إلى هذه الملة يعلن إلحاده ويفاخر به؟.
لقد صور هذا التناقض بين الموقفين سميح القاسم في قوله:
(أنا قبل قرون
لم أتعود أن ألحد
لكني أجلد
(١) مجلة اليمامة عدد ٨٨٧: ص ٦٠ - ٦١، وجريدة الشرق الأوسط في ١٥/ ٨/ ١٤٠٧ هـ: ص ١٣ بعنوان "مفردات" لمحمد جبر الحربي.