للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} (١).

وقد ساقتهم فلسفتهم المادية الإلحادية، ومحاكاتهم لأسيادهم الملاحدة الغربيين إلى التنافس في انتحال أقوالهم، والتعبير عنها باللسان العربي، وأصبحت إمكانية التحرر من هذه التبعية معقدة متداخلة تداخل أنماط محاكاتهم للغربيين، في ظل مزاعم عريضة من الاستقلال والإبداع والتجديد والتحديث وعدم التقليد، وغير ذلك من الدعاوى التي تؤكد البراهين أنهم على عكسها تمامًا، وما رأينا ضلالًا ينفثه المستغربون العرب إلّا ووجدنا أصوله عند أشياخهم وأساتذتهم من الغربيين، بل ربّما وجدناه بنصه وحرفه مترجمًا ترجمة شوهاء حتى أن بعضهم رصد بعض علائم هذه الظاهرة في كتابات سادن صنم الحداثة أدونيس فأصدر كتابًا بعنوان "أدونيس منتحلًا" (٢).

ولا غرو أن يكون التلاميذ تبعًا لأساتذتهم، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار مقدار الانبهار عند التلاميذ إلى حد الصدمة، ومقدار الاستعلاء عند الأساتذة إلى حد الإذلال والاستخفاف، ثم مقدار العداء لهذه الأمة دينًا وتراثًا وتاريخًا وحضارة ومستقبلًا، فأضحت الحداثة مركزًا خفيًا أو جليًا لحمل رايات هذا العداء، وبث سموم هذه الأحقاد، يهودية الأصل نصرانية الراحلة.

وليس هنا مجال عرض هذه الأهداف المتشابكة والمصائر المتشابهة، ولكن المراد إثبات أن ضلال وانحراف الحداثة وأتباعها آت من أصقاع الكفر والضلال، ليُغرس بالهيمنة والإرهاب والبهرج في جسد الأمة المسلمة التي ما عرفت منذ آمنت باللَّه إلّا الإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة.

وما انحراف الحداثيين العرب في توحيد الأسماء والصفات إلّا أحد


(١) الآية ١٢ من سورة محمد.
(٢) كتاب "أدونيس منتحلًا" لكاظم جهاد، إصدار إفريقيا الشرق وهو يقع في ١٧٨ صفحة أثبت خلالها هذا الباحث الحداثي سرقات وانتحالات أدونيس الحرفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>