للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألوان هذا العدوان المغلف بالثقافة والفن والشعر والإبداع.

ولا يوجد مسلم يؤمن باللَّه ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- نبيًا وهو يسمع أو يقرأ هذه الدمامل الاعتقادية الخبيثة، ثم لا ينحاز إلى صف المؤمنين يقاتل حمية لدينه ودفاعًا عن أقدس وأشرف وأغلى شيء، فليس للحياد في هذه القضايا مجال؛ إذ الحياد في حد ذاته ارتكاس وضلال وفساد اعتقادي، فكيف بالدفاع عن الحداثة وأهلها، وتحسين الظن بهم والبحث عن محاسنهم وإطراء أعمالهم وأقوالهم، لا شك أن فاعل ذلك هو مثلهم كما قال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨)} (١).

وقال -جلَّ شأنهُ-: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٣٨) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (١٣٩) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (١٤٠)} (٢).

ولا ريب أن الحداثة قد انبنت على صيغة إلحادية تضاد الإيمان تمام المضادة، وتناقض التوحيد تمام المناقضة، وقد مرَّ معنا في الفصلين السابقين ما يؤكد ذلك، وفي هذا الفصل سنطلع على أنواع أخرى من بشاعة المعتقدات الحداثية بشواهد منقولة من كتب أصحابها مباشرة.

ولنبدأ بمؤسسي الحداثة الشعرية العربية، ونرى كيف اجترأوا على اللَّه تعالى، ووصفوه بأبشع أنواع النقص، وكانوا بذلك فاتحة الضلال للحداثيين الذين جاؤوا من بعدهم، والسياب ونازك والبياتي هم طليعة هذا الشر


(١) الآية ٦٨ من سورة الأنعام.
(٢) الآيات ١٣٨ - ١٤٠ من سورة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>