للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفتيتها إلى كيانات صغيرة تحت سيطرة بريطانيا وفرنسا وروسيا، وتعتبر هذه الاتفاقية أبرز أمثلة الخداع الغربيّ الصليبيّ الاستعماريّ للبلاد الإسلامية، وللشعوب عامة، إذ قامت بريطانيا بالتفاوض عليها وإبرامها في الوقت الذي كانت تعد فيه العرب بتأييد مطالبهم إذا ما حاربوا إلى جانبها ضد العثمانيين، وتنتهك بشكل فاضح مبدأ تقرير المصير الذي ادعى الحلفاء الالتزام به، إضافة إلى أنها كانت اللبنة الأولى لفرض اليهود في بلاد المسلمين وتوطيد أقدامهم في فلسطين من خلال وعد بلفور سنة ١٣٣٥ هـ/ ١٩١٧ م (١) أي بعد اتفاقية سايكس وبيكو بسنة واحدة (٢).

وبهذا تفككت الوحدة العضوية للأمة الإسلامية وتبدلت بالحدود والتقسيمات والكيانات المتفق عليها في هذه الاتفاقية، فسقطت حتى الصورة التي كان المسلمون يرون فيها الرمز الشكليّ لوحدتهم، سقطت لأنها كانت مجرد صورة أمام حقائق كثيرة، واحدة منها تكفي في إتلافها، فكيف وقد اجتمعت وتظافرت!!.

وحل الاستعمار بعد انتهاء الحرب العالمية بقواته وجيوشه في أكثر بلاد المسلمين، واحتلوا أرضهم، وتحكموا في رقابهم وحياتهم، واشتغلوا بتغيير الأسس الفكرية والثقافية من خلال تغيير نمط التعليم، والاستيلاء على الصحافة، وتقويض مكانة أهل العلم والدين، وصياغة المجتمع صياغة أخرى على غير دين الإسلام.

كما اهتموا وبصورة مركزة على إيجاد أدوات تنفيذ لهم من أبناء المسلمين، وركزوا بشكل أخص على فئتين هما: "فئة الإداريين" و"فئة المثقفين" التي سوف يكون لهما أبلغ التأثير في تغيير وجهة الحياة في البلدان الإسلامية.


(١) انظر: وعد بلفور في المصدر السابق ٧/ ٥٣٦.
(٢) انظر: اتفاقية سايكس وبيكو في المصدر السابق ٣/ ١٢٠ - ١٢٣، وقد بقيت هذه الاتفاقية قيد الكتمان حتى إذا جاء البلاشفة وأسقطوا حكم القياصرة نشروها نكاية بهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>