للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بآبائها، الناس بنو آدم، وآدم من تراب، مؤمن تقي، وفاجر شقي، لينتهين أقوام يفتخرون برجال إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على اللَّه من الجعلان التي تدفع النتن بأفواهها" (١).

وجماع القول في هذه القضية ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية عليه -رحمه اللَّه في الفتاوى-: (وجمهور العلماء على أن جنس العرب خير من غيرهم كما أن جنس قريش خير من غيرهم، وجنس بني هاشم خير من غيرهم، وقد ثبت في الصحيح عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خبارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" (٢).

لكن تفضيل الجملة على الجملة لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد، فإن في غير العرب خلق كثير خير من أكثر العرب، وفي غير قريش من المهاجرين والأنصار من هو خير من أكثر قريش وفي غير بني هاشم من قريش وغير قريش من هو خير من أكثر بني هاشم) (٣).

إلى أن قال: (لم يخص العرب بحكم شرعي، بل ولا خص بعض أصحابه بحكم دون سائر أمته، ولكن الصحابة لما كان لهم من الفضل أخبر بفضلهم، وكذلك السابقون الأولون لم يخصهم بحكم، ولكن أخبر بما لهم من الفضل لما اختصوا به من العمل، وذلك لا يتعلق بالنسب.

والمقصود هنا أنه أرسل إلى جميع الثقلين: الإنس والجن، فلم يخص العرب دون غيرهم من الأمم بأحكام شرعية، ولكن خص قريشًا بأن الإمامة فيهم، وخص بني هاشم بتحريم الزكاة عليهم. . .) (٤).

والمقصود أن الشعوبية التي رفع رياتها المنحرفون من الفرس


(١) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب التفاخر بالأحساب ٥/ ٣٣٩، والترمذي في كتاب المناقب، باب: فضل الشام واليمن ٥/ ٧٣٤، وأحمد في مسنده ٢/ ١٦٣.
(٢) أخرجه البخاري في عدة مواضع منها كتاب المناقب، باب: قول اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} ٣/ ١٢٨٨، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب: الأرواح جنود مجندة ٣/ ٢٠٣١.
(٣) و (٤) مجموع الفتاوى ١٩/ ٢٩ - ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>