للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نوع جديد من الدراسات الأدبية والنقدية، يقوم على الأسطورة، وكان له تأثير واضح في شعراء الحداثة، وقد اعترف أليوت في تعليقاته على الأرض الخراب بتأثره العميق بالغصن الذهبي (١).

هذه هي جذور الاقتداء الحداثي العربي بالأسطورة الغربية، والقواعد التي انطلقوا منها للمحاكاة البليدة والاستنساخ الأعمى.

وقد حاول بعض النقاد الحداثة العربية أن يوجدوا المسوغات الفنية والثقافية لهذا الارتماء الحداثي في أحضان التبعية للغرب، فهذا محمد مندور يتحدث عن هذه القضية، ويطلق على هذا المنهج اسم التجارب الأسطورية (٢)، ثم حاول بعث أساطير إقليمية ومحلية لإضفاء صورة الاستقلالية في هذا الشأن عن المغرب (٣)!!، مع إعجاب وانبهار -في الوقت نفسه- بالملاحم والأساطير والوثنيات الجاهلية الخالية (٤).

وعلى هذا النحو التبريري ينطلق إحسان عباس في كتابه "اتجاهات الشعر العربي المعاصر" ليؤكد أن (من بدهيات الحركة التاريخية أن الإنسان المعاصر، في ظل النوازع القومية، قد انتقل من واقع التاريخ إلى تبني "الأسطورة التاريخية" واستخدامها حافزًا في تقوية "التكاتف الاجتماعي" في الأمة الواحدة، وأن ذلك كان يمتد من مبدأ الإيمان بإرادة القوة إلى الخروج من حال الضعف والتفكك والتخلف. . .) (٥).

وهكذا يحاول إحسان عباس أن يظهر لنا أن تبني الوثنيات والأساطير لا ضير فيه، لا من ناحية الفكر والاعتقاد ولا من ناحية الانتماء، بل إنه يصفه كضرب من ضروب الضرورة اللازمة لتقوية التكاتف الاجتماعي


(١) انظر: فوضى الحداثة: ص ١٩٢ - ١٩٥ والموسوعة السياسية ٢/ ١٢٩٨.
(٢) و (٣) انظر الأدب ومذاهبه د/ محمد مندور ص ١٤.
(٤) انظر: المصدر السابق: ص ٢٥ - ٣١، وفيها تحدث بإعجاب عن الرومان والإنياذة لفرجيل، ثم عن الإلياذة والأودسا في الغرب، والهابراتا والرامايان في الهند، والشاهنامة في فارس، ثم شرح عن الإلياذة وامتدح شاعريتها واعتذر عن التكرار الذي فيها، ثم تحدث عن الأدب الإغريقي باعتباره جذرًا للآداب الغربية المعاصرة.
(٥) اتجاهات الشعر العربي المعاصر: ص ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>