للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبراليًا بالمعنى الدقيق للكلمة، ورغم أننا لسنا في صدد بث تأثير الأطروحة "المتوسطية" في وعي المثقفين الليبراليين الأقباط المصريين، إلا أن يُمكن القول: إن مؤسسات ثقافية إحيائية قبطية قد تبنت هذه الأطروحة وخصوصًا "جمعية الآثار القبطية" التي تأسست بالقاهرة عام ١٩٣٤ م هدفها تشجيع دراسة الحضارة المصرية في العصر المسيحي القبطي، ولها مكتبة وتصدر مجلة سنوية، وكتبًا في الآثار والفنون القبطية، مثلما أن الدكتور رينه حبشى، المثقف القبطي اللبرالي الوجودي المصري، كان ملتفًا حول كل الندوات والجمعيات التي تدعو لثقافة البحر الأبيض المتوسط وخصوصًا "الندوة اللبنانية" التي كان يديرها ميشال أسمر أحد الدعاة لهذه الثقافة، إضافة إلى التفافه -أي: الحبشي- حول حركة مجلة شعر) (١).

وفي دراسة موجزة لبعض شعر يوسف الخال وما فيه من رموز وثنية وذكر للآلهة الكنعانية وأزمنة البعل وأدونيس وعشتروت، والتواصل معها، يؤكد باروت أن الخال لا يبحث في تيهه عن الفينيقية فحسب، بل يمتد في تلمس حضاري -هكذا حسب رأيه- إلى مستويات أخرى فيقول: (هذا المستوى الحضاري الذي يبحث في الشعر عن تجربة حضارية، يضمر مسيحية عميقة لها مستوياتها الميتافيزيقية الصرفة. . . لا يرى لسكان "المفازة" سوى صليب الفادي، طريقًا واحدًا للخلاص. . .، يظهر الفادي في قصيدة "البئر المهجورة" كبئر يفيض ماؤها بالخير. . .، يندمج في كل مضمر تموز بالمسيح، الفضاء الوثني بالفضاء المسيحي. . .) (٢).

ثم يدرس مقطعًا آخر بعنوان "صلاة في الهيكل" (٣) يقول فيه الخال: (الحجر ينطق، الحجر خبزًا، يصير نبيذًا) (٤).

يقول باروت: (فالحجر إذ يثير في سياق النص مناخًا وثنيًا، فإن


(١) الحداثة الأولى: ص ٧٨.
(٢) المصدر السابق: ص ١٣١ - ١٣٣. وانظر: ص ١٣٤ من المصدر نفسه.
(٣) و (٤) المصدر السابق: ص ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>