مجلة شعر إلا أنهم لايختلفون -من حيث مجمل الاعتقاد- عن أصحاب مجلة شعر، وخاصة فيما يتعلق باللَّه تعالى وأسمائه وصفاته والغيبيات، ولا يختلفون عنهم من حيث المبدأ في أخذ العقائد والرموز الوثنية، وإحياء مضامينها الجاهلية، إلى حد جعل أحد النقاد يعتبر "البياتي" المثل القوي لما أطلق عليه "تموزية" ما بعد "حركة مجلة شعر" وأثبت بالشواهد الكثيرة (١).
فضلًا عن الشواهد الكثيرة التي نقلناها في الفصول السابقة والتي تدل غاية الدلالة على مناقضة هؤلاء لعقيدة الأمة بل ومحاربتهم لها بشتى السبل، فما الفرق إذن بين هؤلاء الذين أثنى عليهم الظاهري، والطائفة القذرة التي وصف؟.
من هذا السرد نصل إلى نتيجة قاطعة هي: أن الحداثة مضمونًا وفكرًا واتجاهًا، تناقض الإيمان باللَّه والتوحيد والطاعة والخير والحق، وأشخاصها الذين يتبنونها ويشايعونها هم أشد على الرحمن عتيًا، سواء كانوا نصارى أو نُصيريين، أو من أبناء المسلمين الذين اتبعوا سنن أهل الكتاب وأهل الأوثان.
ولنعد إلى المقصود، وهو إثبات أن أتباع الحداثة من النصارى العرب، غلب عليهم الإحساس الطاغي في الإبانة عن تراث دينهم وعقيدتهم وثقافتهم، فاستعملوا ذلك في نتاجهم، وقد يقال بأنهم لا يلامون إذا فعلوا ذلك؛ لأنهم يعبرون ويبيتون عن دينهم وعن دخائل أنفسهم، والعقيدة غلابة ومؤثرة في المواقف والألفاظ والأحوال، فإذا تحدث النصراني عن "خطيئة" أبيه آدم على أنها لا تمحى بالتوبة، وأنه قد ورّثها لأبنائه، حتى جاء "المسيح" فقتل وصلب -حسب زعمهم الكاذب- ففدى البشرية وخلصهم من النكال، والإثم الجاثم على أرواحهم، سواء أتى بهذا الألفاظ: الخطيئة والتكفير والخلاص والفداء والصلب، أو أتى بألفاظ أخرى تدل على المعنى نفسه، أو استخدم هذه الألفاظ في سياق دلالاي رمزي لمعاني مجازية