فإنه لا يبقى أي مجال للنظر في المعاني التي تدل عليها الرموز والأسماء والرسوم والمصطلحات، وهذا كذب مبين وافتراء لا يُمكن أن تصدقه العقول!!، والخرس والصمم خير من هذا الكلام ومن سماعه.
أمّا أنه يعد الفداء أسطورة ثم يقول "في سياق الشعر" -وهي عبارة اعتذارية تحتوي على مجاملة بغيضة للنصارى- فلم إذن يوظفها في السياق توظيفًا معنويًا يدل على الأصل الديني لها؟.
ومثل هذا الكلام مثل الذي يقول: ندخل الكنيسة يوم الأحد لأداء القداس كما تقول النصارى ثم يقول: أنا لا أعتقد أن ذلك صحيحًا بل اعتقده أسطورة!!.
وقد ذكر إحسان عباس ثلاثة أوجه لاحتمالات تصور استخدام الأسطورة، ونسي أو تناسى أن يذكر أهم وأبرز وأعمق احتمال، وهو: أن يكون الكاتب أو الشاعر قد تأثر اعتقاديًا -ولو في الجملة- بهذه العقيدة، فاستخدم رموزها وألفاظها ومصطلحاتها.
وذلك أن استعمال الرمز على نحوٍ ما لابد أن تكون وراءه دوافع جعلت المتكلم به يختار هذا اللفظ دون سواه، فإذا كان هذا اللفظ ابتكر أو استخدم من أجل الدلالة على شيء معين، من عقيدة أو سلوك أو غير ذلك، كان هذا دليلًا على أن استعمال هذا اللفظ دون غيره آت من التأثر بهذه العقيدة أو الفكرة.
ولو أساقطنا مثل هذه المعايير لذهبت دلالات الألفاظ ولضربت الفوضى بأطنابها في الحياة العامة والخاصة.
والذي يريد فصل لفظ "الفداء" و"الصلب" و"الخطيئة" و"التكفير" عن أصولها الاعتقادية -زعمًا أنه لا يريد ذلك ولا يقصده- يكون بمثابة من يفصل لفظ "الزنى" -مثلًا- عن مدلوله ومعناه.
فلو قال قائل لآخر "يا زاني" لكان المتبادر إلى الذهن أنه يرميه بفعل