للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصراني الذي تديره اليد اليهودية، ويكون منهم قادة الجيش والشرطة في دويلة اليهود في فلسطين.

ولخشية أدونيس أن تنكشف عورات بني ملته عندما يفتش المسلم في التاريخ ويقرأ في التراث، ويطلع على العمالة والخبث والخيانة، والفساد والانحلال والإباحية، والضلال الاعتقادي، لخشيته من ذلك وضع قاعدة تحاول صرف الأنظار عن الربط بين أولئك وهؤلاء، بين أدونيس والباطنية والنصيرية والقرامطة، والزنج، وغيرهم من الذين تصدى لهم جهابذة الإسلام فكشفوا زيفهم وعوارهم.

هذه القاعدة يُمكن تسميتها قاعدة الاختزال والتفكيك للتراث، وإبعاد مفهوم الأصل والجوهر منه، سواء كان الأصل الاعتقادي أو الأصل العلمي المعرفي، أو الأصل التاريخي التسلسلي، ثم يجعل أنه لا يُمكن فهم التراث إلّا في منظور الصراعات الثقافية والاجتماعية، ليدخل بني ملته في صلب النظرة إلى التراث فيقول: (أول ما يجب نقده هو مفهوم التراث نفسه، فهو عدا أنه غامض ترى الثقافة التقليدية السائدة أنه بمثابة جوهر أو أصل لكل نتاج لاحق، وفي تقديري: أنه لا يصح النظر إلى التراث إلّا في منظور الصراعات الثقافية والاجتماعية التي شكلت التاريخ الإسلامي، وفي هذا المنظور لا يصح أن نقول: أن هناك تراثًا واحدًا وإنّما هناك نتاج ثقافي معين، يرتبط بنظام معين، في مرحلة تاريخية معينة، وعلى هذا فإن ما نسميه تراثًا ليس إلّا مجموعة من النتاجات الثقافية التاريخية التي تتباين حتى درجة التناقض.

لذلك لا يصح البحث في التراث كأصل أو جوهر أو كل، وإنّما ينبغي البحث في نتاج ثقافي محدد، في مرحلة تاريخية محددة، واستنادًا إلى هذا البحث يتحدد الموقف) (١).

فهو لا يكتفي بأن الباطنية وأشباهها شتت الأمة في ترابطها العضوي، بل يريد تفتيتها في مرجعيتها الثقافية الموحدة لها، ثم يريد أن يبعد هذه


(١) المصدر السابق ٣/ ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>