للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثقافة الموحدة -على الأخص- ثقافة أهل السنة وعقيدتهم، وصراعهم الفكري ضد المخالفين من المبتدعة والمرتدين، يريد أبعاد ذلك وتفتيت وحدته وأصله؛ لئلا يُربط بين فساده وانحرافه المعاصر، وفساد وانحراف أجداده من الباطنيين.

ثم تأمل كيف أدخلهم في داخل التراث على أساس أنهم أحد أعمدة الصراع الثقافي والاجتماعي ضد الإسلام وأهله، وبالتالي لا يُمكن فهم الثقافة إلّا في ضوء هذا الصراع، أي: أنه لم يكتف بإدخالهم في نسيج الأمة، بل جعلهم أساسًا لفهم قضية التراث، فيا للحيل الباطنية ما أبشعها وما أشد التواءها وغموضها!!.

وفي موضع من كتابه الرجس "الثابت والمتحول" يهاجم الفكر السلفي باعتباره فكرًا تلقينيًا تعليميًا، ثم يلتفت إلى الثورة المضادة لهذا الفكر السلفي والتي تقوم على أنه (لم يعد المطلق الإلهي وحده مركزًا بل صار الإنسان شريكًا له، ذلك هو الجانب الصوفي والعقلانى الإلحادي. . . هكذا تغيرت رؤيا العالم. . . ليس هناك ما يخلق ويصنع. . . لم يعد المطلق الإلهي وراء العالم أو قبله وحسب وإنّما أصبح أمامه أيضًا، لم يعد يجيء من الماضي وحده وإنّما أخذ ينبثق في الحاضر، ويجيء من المستقبل أيضًا، ولم يعد المطلق الإلهي -في هذا المنظور- جوابًا لا سؤال بعده، وإنّما أصبح سؤالًا، والعالم إذن لم يخلق كاملًا دفعة واحدة وإلى الأبد، وإنّما صار كل شيء فيه للخلق المستمر) (١).

وإذا راجعنا عقائد الباطنية في الخلق والإيجاد للعالم فإننا لا نجد أنها تخرج عن هذا الكلام الذي قاله هذا الباطني في النص السابق.

ولمزيد من الإمعان في إخراج المسلمين عن دينهم وإغرائهم بالكفر يربط بين هذا القول الإلحادي الواضح والإبداع، بل جعل ذلك أساسًا للإبداع فيقول: (وهكذا لا يعود علم الجمال بالنسبة إليه علم جمال النموذج


(١) المصدر السابق ٣/ ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>