للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو الأصل أو الثابت، بل علم جمال المتغير المتحول المتجدد، ويصبح الإبداع ممارسة الشاعر، الأولى، من أجل تأسيس وجوده في أفق البحث/ السؤال، لم يعد الشاعر، بتعبير آخر، يكتفي بمحاكاة العالم وإنّما أصبح يمارس هو نفسه خلق العالم) (١).

هذا إذن الأساس الفلسفي للأصل الحداثي المناهض للثابت والداعي إلى الصيرورة الدائمة، والذي يقول به جميع الحداثيين بلا استثناء، وهو أساس فلسفي إلحادي، يربطه أدونيس بالحركات الباطنية، ويتخذ الصوفية مثالًا، لها، والحركات العقلانية الإلحادية -حسب تعبيره- وكان الإلحاد لحظة من اللحظات عقلانيًا بل هو ضد العقل والمنطق على الإطلاق.

ويواصل أدونيس ربط الحداثة بالرفض والرافضين، ويستخدم أساليب الكذب والتدليس كعادته، فيقول: (هكذا نرى أن لهاجس الحداثة جذورًا في نتاج أبي نواس وأبي تمام وفي كثير من النتاج العربي، العلمي والفلسفي "الرازي (٢) وابن الراوندي وابن رشد" (٣) والصوفي، ذلك أن الخاصية الرئيسية التي تميز بها هذا النتاج هو إدانته التقليد والمحاكاة، ورفض النسج على منوال الأقدمين. . . من عناصر هذه النظرة، مثلًا، نشوء مفهوم للزمن عندهم يغاير المفهوم الديني. . . هكذا أدخلت نظرة أسلافنا أولئك إلى الحياة العربية بُعد العلم، أي أنها أحلت حركية النقد، محل سلفية الأصول. . .، من هنا تغير تبعًا لذلك موضوع النقد، لم يعد يستند إلى حقيقة ماضية ثابتة يعود إليها دائمًا، وإنّما أصبحت الحقيقة نفسها نقدًا وأصبحت مرادفة للتغير، وهذا ما نراه في


(١) المصدر السابق ٣/ ٢٦٥.
(٢) هو: أبو بكر محمد بن زكريا الرازي (الملحد) ولد سنة ٢٥١ هـ وتوفي سنة ٣١١ هـ، كان طبيبًا وفيلسوفًا إسماعيلي المذهب متشكك وعنده إلحاديات؛ ولذلك أعجب به الحداثيون وخاصة أدونيس. انظر: الأعلام للزركلي ٦/ ١٣٠، ومقدمة كتاب رسائل فلسفية لأبي زكريا الرازي أ - جـ، والثابت والمتحول ٢/ ٢٣٧، وفيه أشار إلى ما كتبه عنه الوجودي عبد الرحمن بدوي في كتابه من تاريخ الإلحاد، وانظر: سير أعلام النبلاء ١٤/ ٣٥٤، ومجموع فتاوى ابن تيمية ٦/ ٣٠٤، ٣٠٨، ٣٠٩.
(٣) سبقت ترجمة ابن الراوندي ص ١٣٦، وابن رشد ص ٧٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>