للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النقد الشعري. . .، ونراه في الحركة العقلية الفلسفية والعلمية عند ابن الراوندي والرازي، وجابر بن حيان (١)، ونراه في الحركة الصوفية، ونراه بشكل عام في التيارات الإلحادية، أو ما يسمى حركات الزندقة والشعوبية وفي طليعتها الحركة القرمطية، وكان من نتائج ذلك أن تزعزعت فكرة النموذج أو الأصل، أي: أن الكمال لم يعد موجودًا، كما يقول التقليد الديني) (٢).

وفي هذا النص عدة أمور:

الأول: أنه يحاول أن يجعل للحداثة أصلًا في تاريخ المسلمين، وهذا كذب وافتراء؛ لأن الحداثة تقوم على الإلحاد ومناقضة الإيمان، وتراث المسلمين يقوم على أصل من التوحيد والإيمان.

الثاني: أنه يجعل محاولات التجديد الفني عند أبي تمام أصلًا للحداثة، علمًا بأن تجديد أبي تمام تجديد في التراكيب والأشكال، أمّا المضامين الأساسية التي تستهدفها الحداثة وهي الإيمان والوحي والغيبيات، والثوابت، فلم يتعرض لها بسوء، بل كان مؤمنًا موقنًا بها.

الثالث: أن يخلط بين أبي تمام وأبي نواس، والفئة الشاذة المعروفة بانحرافها: الرازي الملحد وزميله ابن الراوندي ويدخل معهم ابن رشد، وهذا الخلط المتعمد يريد منه أن يقرن الملاحدة والمارقين بمن لم يعرف عنه إلحاد ولا كفر، بل عرف عنه الإسلام والتوحيد، وإن أخطأ فيما أخطأ فيه من أخلاقيات، أو بعض الانحرافات الفكرية التي لا تنافي أصل الإيمان، ومراده من ذلك تسويق الإلحاد باسم التحديث والحداثة التي يزعم أنها كانت في التواث، وتسويغ عقائد أمثاله من الملاحدة عند المقتدين به، وتهوين أمر الدين والتوحيد.


(١) هو: جابر بن حيان بن عبد اللَّه الكوفي، أبو موسى، فيلسوف كيميائي، خرساني الأصل، اتصل بالبرامكة، وله تصانيف بلغت الخمسمائة ضاع أكثرها، ولكتبه شهرة عند الإفرنج، فقد ترجمت إلى لغاتهم واستفادوا منها، توفي نحو سنة ٢٠٠ من الهجرة. انظر: الأعلام ٢/ ١٠٣.
(٢) الثابت والمتحول ٣/ ٢٦٦ - ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>