للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبثونه ويدعون إليه ويدافعون عنه، وهذا ما سوف يأتي عرضه في هذا الفصل من الانحرافات المتعلقة بالربوبية في الأدب العربي المعاصر.

غير أنه قبل استعراض هذه الانحرافات الموجودة في أدب الحداثة العربي ينبغي أن أذكر أن هذه الضلالات التي يقوم على تأصيلها ونشرها والدفاع عنها أدباء الحداثة؛ ليست إلّا نقولات مترجمة من أفكار ومناهج الغربيين إلى اللغة العربية بأقلام هذه الوسائط الفكرية والأدبية، التي ليست سوى أقلام عربية الحرف أجنبية الفكر والاعتقاد والولاء.

وفي الحقيقة إن ما أطلقوا عليه تقدمًا ومعاصرة ليس إلّا تعبيرًا عن الإلحاق بالقوة في المجال الثقافيّ والفنيّ، تبعأ للإلحاقات الاستعمارية السابقة العسكرية والسياسية والاقتصادية، فقد انغمس المثقف العربي الحداثيّ في التبعية الاعتقادية والفكرية إلى حد كبير جدًا حتى وهو ينادي بالوطنية والقومية ويتشدق بالحرص على الأمة والمجتمع، فها هو لويس عوض (١) في محاضرة له بعنوان "أسباب عدم عالمية الفكر العربي" يذكر أن السبب في التخلف هو انشغال الفكر العربيّ بقضايا تجاوزتها أوروبا منذ زمن طويل (٢).

ويقول في جريدة الأهرام: (إن سياسة الباب المفتوح عندما تمتد من مجال السلع والخدمات المستوردة إلى مجال الاقتصاد والقيم المستوردة سوف تبعث في مصر على وجه اليقين ذلك التراث الإنسانيّ العظيم من التواصل الثقافيّ مع بقية بني الإنسان) (٣).


(١) كاتب وناقد وشاعر حداثيّ مصريّ نصرانيّ، ولد سنة ١٣٣٣ هـ/ ١٩١٥ م، يزعم أنه أول من ابتدع الحداثة الشعرية في "برتولاند"، تخرج من جامعة القاهرة في الأدب الإنجليزي، أكمل دراسته في جامعات لندن، ثم عاد مدرسًا في الجامعة في مصر وعمل في الصحافة، وفي منصب مستشار في جريدة الأهرام، تشبع بالفكر الاشتراكي ودعا إليه، حارب التراث الإسلامي بتعصب صليبيّ ظاهر، واندفع نحو تغريب المجتمع المسلم وهدم عقيدته وقيمه الأخلاقية في حقد ظاهر وضغينة لا يخفيها تجاه الإسلام والمسلمين وعمالة وولاء لأعداء الإسلام. انظر: الصراع بين القديم والجديد ٢/ ١٢٦٣، ورأيهم في الإسلام: ص ١٠٧، ورحلة في عقول مصرية: ص ٣٩٧.
(٢) انظر: مجلة الطليعة الكويتية الصادرة في ٥/ ٤/ ١٩٧٦ م، الموافق ٤/ ١٣٩٦ هـ.
(٣) الأهرام، مقال بعنوان (تأملات في الثقافة المصرية) في ٢٤/ ٥/ ١٩٨١ م، الموافق ٦/ ١٤٠١ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>