٢ - عرفنا بعقولنا أن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسل من ربه؛ لأن معجزاته الحسية والمعنوية دلت على صدقه وعلى أنه مرسل من ربه، وهذه المعجزات الكثيرة شهدها جم غفير من الناس ونقلوها كافة عن كافة، وأخذنا ذلك وصدقناه؛ لأنه منقول بالتواتر الذي يحيل العقل كذبه، وصدقناه لأن الأدلة والبراهين قائمة ومستمرة، مثل إخبار النصوص ببعض المغيبات التي سوف تحدث بعد موت المخبر فوقعت، وإخبارها ببعض المغيبات التي كشفت الحقائق العلمية وجودها، وقد أخبر بها النبي الأمي قبل أن يجوس رواد العلم مجاهل الكون، ويكشفوا بعض أسراره.
فدلت هذه الدلائل والبراهين على صدقه -صلى اللَّه عليه وسلم- واستحال عقلًا وحسًا التكذيب بدلالة هذه المعجزات.
٣ - عرفنا بعقولنا أن وجود الملائكة حقيقة؛ لأن الكافة نقلوا ذلك عن المخبر الصادق الذي آمن العقل بأنه رسول من عند اللَّه (١).
وهذا الملحد وأشباهه من ملاحدة الحداثيين والعلمانيين أبعد الناس عن فهم مثل هذه المحاجات العقلية، وعن معطيات العلم التطبيقية، وأكثرهم مجرد صحفيين وأحلاس جهل وشهوة، لقطوا شبهة من هنا وشبهة من هناك، وخالطوا أشباههم فعزز بعضهم شكوك الآخر بأخلاط من ريب وشكوك أتقنوا امتصاصها فقذفوها قيئًا يؤذون به أمتهم ودينهم.
نظروا إلى الغرب بعين المنهزم وهالهم ما رأوا من ابتكارات وقوة مادية فحسبوا أن الإلحاد هو الذي قادهم إلى ذلك وصنع لهم القوة!!، وقصارى حجة الملاحدة في شكهم أو جحدهم "الإنكار" والإنكار نفسه ليس بحجة، وإنّما هو دعوى، والدعوى مهما كانت ما لم يقم صاحبها عليها دليلًا تبقى زعمًا.
وواللَّه الذي لا إله إلّا هو أن نص الوحي هو الحق الصراح، وأن كل
(١) اقتُبس بعض هذه المحاجة من كتاب لن تلحد لأبي عبد الرحمن الظاهري: ص ١٠٩ - ١١٠.