الوجه الأول - أن هذا التقسيم غير حاصر، فإنه يقال للموجود: إما أن يكون واجبا بنفسه وإما أن يكون ممكنا بنفسه، وهذان - الوجوب والإمكان - لا يجتمعان في شيء واحد … [من جهة واحدة، ولا يصح اجتماعهما في الصدق ولا في الكذب، إذ كون الموجود واجبا بنفسه وممكنا بنفسه لا يجتمعان ولا يرتفعان.
فإذا جعلتم هذا التقسيم، وهما النقيضان ما لا يجتمعان ولا يرتفعان، فهذان لا يجتمعان ولا يرتفعان، وليس هما السلب والإيجاب، فلا يصح حصر النقيضين اللذين لا يجتمعان ولا يرتفعان في السلب والإيجاب.
وحينئذ فقد ثبت وصفان: شيئان لا يجتمعان ولا يرتفعان، وهو خارج عن الأقسام الأربعة.
وعلى هذا فمن جعل الموت معنى وجوديا فقد يقول: إن كون الشيء لا يخلو من الحياة والموت هو من هذا الباب. وكذلك العلم والجهل، والصمم، والبكم، ونحو ذلك.
الوجه الثاني- أن يقال: هذا التقسيم يتداخل، فإن العدم والملكة يدخل في السلب والإيجاب، وغايته أنه نوع منه، والمتضايفان يدخلان في المتضادين، وإنما هو نوع منه.
فإن قال: أعني بالسلب والإيجاب ما لا يدخل فيه العدم والملكة، وهو أن يسلب عن الشيء ما ليس بقابل له، ولهذا جعل من خواصه أنه لا استحالة لأحد طرفيه إلى الآخر.