قال المصنف رحمه الله تعالى:"وأما مَنْ زاغ وحاد عن سبيلهم من الكفار والمشركين والذين أُوتوا الكتاب، ومَن دخل في هؤلاء من الصابئة والمتفلسفة والجهمية، والقرامطة الباطنية، ونحوهم فإنهم على ضد ذلك، يصفونه بالصفات السلبية على وجه التفصيل، ولا يثبتون إلا وجودا مطلقا لا حقيقة له عند التحصيل، وإنما يرجع إلى وجود في الأذهان يمتنع تحققه في الأعيان، فقولهم يستلزم غاية التعطيل وغاية التمثيل، فإنهم يمثلونه بالممتنعات والمعدومات والجمادات، ويعطلون الأسماء والصفات تعطيلًا يستلزم نفي الذات".
الشرح
لما ذكر المصنف رحمه الله تعالى طريقة السلف في إثبات الصفات شرع هنا في بيان طريقة مخالفي الرسل، وهم المعطلة على اختلاف درجاتهم، فقال:"وأمَّا مَنْ زاغ وحاد عن سبيلهم" يعني: عن سبيل السلف الصالح "من الكفار والمشركين والذين أوتوا الكتاب" قدم الكفار والمشركين على أهل الكتاب؛ لأن الفلاسفة كانوا أسبق من اليهود والنصارى، فدخل قول الفلاسفة على اليهود عن طريق رجل يهودي يسمى (فيلون)؛ هو الذي أدخل التعطيل على اليهود، ولذلك لما ذكر العلماء الجعد بن درهم قالوا: إنه أخذ مقالة التعطيل عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان عن طالوت اليهودي ابن أخت لبيد بن الأعصم، وهو اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم، واليهود أخذوها عن فلاسفة اليونان.