للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت، ولا يقال حينئذ بلا كيف، إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول" (١).

وهذا الزعم فيه تجهيل للسلف، واتهام لهم بعدم العلم، وحقيقة الأمر أن السلف كانوا أعظم الناس فهما وتدبراً للنصوص الشرعية، وبخاصة ما يتعلق منها بمعرفة الله -عز وجل-، يؤمنون بألفاظها، ويعرفون معانيها، لكن لم يكونوا يتكلفون ما لم يحيطوا به علماً ولا فهما، ولا يخوضون في كيفية ذات الله -عز وجل- وصفاته.

ومن له اطِّلاع على أقوال السلف المدونة في كتب العقيدة والتفسير والحديث، يدرك أن السلف تكلموا في معاني نصوص الصفات، وبينوها ولم يسكتوا عنها، وهذه الأقوال أكبر شاهدٍ على فهم السلف لتلك النصوص وإدراك معانيها (٢).

[الأمر السابع: معنى قول السلف "بلا كيف".]

جاءت عبارة "بلا كيف" في آثارٍ كثيرةٍ عن السلف الصالح عند حديثهم عن نصوص الصفات، ومعنى قولهم: "بلا كيف"، أي: بلا كيف يعقله البشر، لا أن المراد نفي الكيفية مطلقاً، فإن كلَّ شيء لابد وأن يكون على كيفية معيَّنة، ومرادهم هو نفي العلم بهذه الكيفية، فلا يعلم كيف الله -عز وجل- ولا كيف صفاته إلا هو، وهذا من الغيب الذي استأثر الله بعلمه، فلا سبيل للوصول إليه (٣).

الأمر الثامن: عدم العلم بالكيفية لا يقدح في الإيمان بالصفات، ومعرفة معانيها.


(١) الفتوى الحموية ص (٧٩ - ٨٠)، وانظر: شرح حديث النزول ص (١٠٦)، المراكشية، ضمن مجموع الفتاوى
(٥/ ١٨١ - ١٨٢)، مجموع الفتاوى (١٦/ ٤١٣)، شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين (١/ ١٠١ - ١٠٢).
(٢) انظر: درء تعارض العقل والنقل (١/ ٢٧٨ - ٢٧٩، ٧/ ١٠٨ - ١٠٩).
(٣) انظر: درء تعارض العقل والنقل (٢/ ٣٥)، مدارج السالكين (٣/ ٣٧٦)، شرح العقيدة الواسطية للهراس ص (٢٢)، شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين (١/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>