(٢) انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين ٢/ ٤٢٥. فإنَّ عدم السَبَبِ المعينِ لا يقتضي انتفاء المُسَبِّبِ المعين، لأن المؤثر قد يكون شيئا آخر (الشرح الممتع (١/ ٢٧٦)) وتُبيِّن القاعدة أنَّ عدم تأثير سببٍ معيَّنٍ لا يمنع من تأثيرِ آخر؛ لأنَّه قد يكون هناك مسبباً غيره، أو نقول: قد يكون المؤثر شيئاً آخر. والقاعدة هنا استخدمت لفظ السبب بمقابلة لفظ المُسبب؛ وقد علل هذا الاستخدام السبكيُّ بقوله: "التجوز بلفظ السبب عن المسبب أولى من العكس؛ لأنَّ السبب المعين يستدعي مسبباً معيناً والمسبب المعين لا يستدعي سبباً معيناً، بل سبباً ما (أي: قد تكون أسباباً عامة متنوعة) ألا ترى أن اللمس يدل على انتقاض الوضوء وانتقاض الوضوء لا يدل على اللمس؟ لجواز أن يكون بمس أو بول أو غيرهما، فلما كان فهم المسبب من السبب أسرع، كان التجوز به في حالة الإطلاق أولى" (الإبهاج في شرح المنهاج للسبكي (١/ ٣٠١).) ". ـ تطبيقات فقهية على القاعدة: المثال الأول: إذا زالت النجاسة بأي مزيل كان، صح ذلك، ولا يلزم لإزالة النجاسة الماء، وقد علل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- بقوله (الشرح الممتع (١/ ٢٧٦).): ١ - أن النجاسة عين خبيثة نجاستها بذاتها، فإذا زالت عاد الشيء إلى طهارته. ٢ - أن إزالة النجاسة ليست من باب المأمور، بل من باب اجتناب المحظور، فإذا حصل بأي سبب كان ثبت الحكم، ولهذا لا يشترط لإزالة النجاسة نية، فلو نزل المطر على الأرض المتنجسة وزالت النجاسة طهرت، ولو توضأ إنسان وقد أصابت ذراعه نجاسة ثم بعد أن فرغ من الوضوء ذكرها فوجدها قد زالت بماء الوضوء فإن يده تطهر. وقال: لا يُنكر أن الماء مطهر، وأنه أيسر شيء تطهر به الأشياء، لكن إثبات كونه مطهراً، لا يمنع أن يكون غيره مطهراً، لأن لدينا قاعدة وهي: أن عدم السبب المعين لا يقتضي انتفاء المسبب المعين، لأن المؤثر قد يكون شيئاٍ آخر. وهذا الواقع بالنسبة للنجاسة. المثال الثاني: لو قُتِلَ شخصٌ ما وتبيَّن أنَّه لم يُقتلْ بسكين، فهذا النفي لا يمنع من أن يكون قُتِلَ بأداة أُخرى. وقسْ على هذا.