خَفِيٍّ؟ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي السَّمْعِ وَلَا فِي الْعَقْلِ مَا يَنْفِي حَقِيقَةَ الْيَدِ أَلْبَتَّةَ؛ وَإِنْ فُرِضَ مَا يُنَافِيهَا فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْوُجُوهِ الْخَفِيَّةِ-عِنْدَ مَنْ يَدَّعِيهِ-وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ شُبْهَةٌ فَاسِدَةٌ.
فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُمْلَأَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مِنْ ذِكْرِ الْيَدِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ بِيَدِهِ وَأَنَّ {يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: ٦٤]، وَأَنَّ الْمُلْكَ بِيَدِهِ وَفِي الْحَدِيثِ مَا لَا يُحْصَى ثُمَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُولِي الْأَمْرِ: لَا يُبَيِّنُونَ لِلنَّاسِ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ وَلَا ظَاهِرُهُ حَتَّى يَنْشَأَ " جَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ " بَعْدَ انْقِرَاضِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ فَيُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ عَلَى نَبِيِّهِمْ وَيَتْبَعَهُ عَلَيْهِ " بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ " وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ مِنْ كُلِّ مَغْمُوصٍ عَلَيْهِ بِالنِّفَاقِ. وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُعَلِّمَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى " الْخِرَاءَةَ " وَيَقُولَ: {مَا تَرَكْت مِنْ شَيْءٍ يُقَرِّبُكُمْ إلَى الْجَنَّةِ إلَّا وَقَدْ حَدَّثْتُكُمْ بِهِ وَلَا مِنْ "شَيْءٍ يُبْعِدُكُمْ عَنْ النَّارِ إلَّا وَقَدْ حَدَّثْتُكُمْ بِهِ} {تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إلَّا هَالِكٌ} ثُمَّ يَتْرُكَ الْكِتَاب الْمُنَزَّلَ عَلَيْهِ وَسُنَّتَهُ الْغَرَّاءَ مَمْلُوءَةً مِمَّا يَزْعُمُ الْخَصْمُ أَنَّ ظَاهِرَهُ تَشْبِيهٌ وَتَجْسِيمٌ وَأَنَّ اعْتِقَادَ ظَاهِرِهِ ضَلَالٌ وَهُوَ لَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ وَلَا يُوَضِّحُهُ وَكَيْفَ يَجُوزُ لِلسَّلَفِ أَنْ يَقُولُوا: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ مَعَ أَنَّ مَعْنَاهَا الْمَجَازِيَّ هُوَ الْمُرَادُ وَهُوَ شَيْءٌ لَا يَفْهَمُهُ الْعَرَبُ حَتَّى يَكُونَ أَبْنَاءُ الْفُرْسِ وَالرُّومِ أَعْلَمُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ؟
(الْمَقَامُ الرَّابِعُ): قُلْت لَهُ: أَنَا أَذْكُرُ لَك مِنْ الْأَدِلَّةِ الْجَلِيَّةِ الْقَاطِعَةِ وَالظَّاهِرَةِ مَا يُبَيِّنُ لَك أَنَّ لِلَّهِ " يَدَيْنِ " حَقِيقَةً. فَمِنْ ذَلِكَ:
تَفْضِيلُهُ لِآدَمَ: يَسْتَوْجِبُ سُجُودَ الْمَلَائِكَةِ وَامْتِنَاعَهُمْ عَنْ التَّكَبُّرِ عَلَيْهِ؛ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ خَلَقَهُ بِقُدْرَتِهِ أَوْ بِنِعْمَتِهِ أَوْ مُجَرَّدِ إضَافَةِ خَلْقِهِ إلَيْهِ لَشَارَكَهُ فِي ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute