قال المصنف رحمه الله:"والمقصود أنهم يطلقون التشبيه على ما يعتقدونه تجسيمًا بناء على تماثل الأجسام، والمثبتون ينازعونهم في اعتقادهم، كإطلاق الرافضة «للنَصب» على من تولى أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، بناء على أن من أحبهما فقد أبغض عليا رضي الله عنه، ومن أبغضه فهو ناصبي؛ وأهل السنة ينازعونهم في المقدمة الأول.
ولهذا يقول هؤلاء: إن الشيئين لا يشتبهان من وجه ويختلفان من وجه. وأكثر العقلاء على خلاف ذلك، وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وبينّا فيه حجج من يقول بتماثل الأجسام وحجج من نفى ذلك، وبينّا فساد قول من يقول بتماثلها.
وأيضًا، فالاعتماد بهذا الطريق على نفي التشبيه اعتماد باطل، وذلك أنه إذا أثبت تماثل الأجسام فهم لا ينفون ذلك إلا بالحجة التي ينفون بها الجسم، وإذا ثبت أن هذا يستلزم الجسم، وثبت امتناع الجسم، كان هذا وحده كافيًا في نفي ذلك، لا يحتاج نفي ذلك إلى نفي مسمى «التشبيه»، لكن نفي الجسم يكون مبنيًا على نفي هذا التشبيه، بأن يقال: لو ثبت له كذا وكذا لكان جسمًا، ثم يقال: والأجسام متماثلة، فيجب اشتراكها فيما يجب ويجوز ويمتنع، وهذا ممتنع عليه. لكن حينئذ يكون من سلك هذا المسلك معتمدًا في نفي التشبيه على نفي التجسيم، فيكون أصل نفيه نفي الجسم، وهذا مسلك آخر سنتكلم عليه إن شاء الله تعالى".