للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "ومن دخل في هؤلاء من الصابئة والمتفلسفة والجهمية، والقرامطة الباطنية، ونحوهم فإنهم على ضد ذلك".

"الصابئة":

ويمكن الحديث عن الصابئة من خلال الأمور الآتية:

[الأمر الأول: أن لفظ الصابئة جاء في القرآن في موضعين]

[الموضع الأول: وفي موضع مدح.]

لأن أوائل الفلاسفة كانوا يقرُّون بوجود الله تعالى، وإنما عُرِف القول بقدم العالم وإنكار وجود الله من عهد أرسطو، فأرسطو هو الذي كان ينكر وجود الله سبحانه وتعالى.

فالصابئة الذين أثني الله عليهم في القرآن، كانوا أناساً يعبدون الله تعالى على غير شريعة، أي على غير اتباع نبيٍّ بعينه، فهذا قسْمٌ من هؤلاء، وقد ذكرهم الله سبحانه وتعالى فيمن ذكر من الأصناف الأخرى كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ٦٢]، فكانوا يتعبَّدون لله تعالى على غير شريعة بعينها، وهذا الذي قيل في هذا الصنف من الصابئة: قوم يعبدون الله تعالى على غير شريعة بعينها، فهؤلاء صنف قد دخلوا في هذا الحال الذي هو حال مدح.

[الموضع الثاني: في موضع ذم.]

وذمُّوا في مواضع: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [الحج: ١٧]، هذه ستة أصناف كما يقول عنها ابن عباس: "الأديان ستة خمسة للشيطان، وواحد للرحمن" (١)، فهذا مقام ذمِّ لهؤلاء.


(١) انظر كتاب الدر المنثور للسيوطي الجزء السادس، صفحة (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>