للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة السابعة: التفاوت والتمايز أولى أن يكون بين صفات الخالق سبحانه وصفات خلقه.]

وفي ذكر القدر المشترك بين صفات الله سبحانه وصفات خلقه إنما نذكرها من باب قياس الأولى (١)، حتى لا يكون هناك تشبيه له سبحانه بخلقه، ويمكن أن ينطبق هنا ما قرره الإمام أحمد رحمه الله عندما قال: «اعلم أن الشيئين إذا اجتمعا في اسم يجمعهما فكان أحدهما أعلى من الآخر، ثم جرى عليهما اسم مدح فكان أعلاهما أولى بالمدح، وأغلب عليه، وإن جرى عليه اسم ذم فأدناهما أولى به» (٢) مع-بداهة العلم-أن الله تعالى وتقدس أن يجري عليه اسم ذم سبحانه، فكما مر معنا - التفاوت بين حقائق المسميات المشتركة بين خلقه مع وجود قدر مشترك علمنا منه تلك الأسماء ومعانيها.

- فإن التفاوت والتمايز أولى أن يكون بين صفات الخالق سبحانه وصفات خلقه، ذلك أن: «الله تعالى لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه، فإن الله سبحانه لا مثيل له، بل له المثل الأعلى، فلا يجوز أن يشترك هو والمخلوق في قياس تمثيل ولا في قياس شمول (٣) تستوي أفراده، ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى وهو: أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أولى به، وكل ما تنزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولى بالتنزيه عنه، فإذا كان المخلوق منزه عن مماثلة المخلوق مع المماثلة في الاسم، فالخالق أولى أن ينزه عن مماثلة


(١) قياس الأولى: هو أن يكون الغائب أولى بالحكم من الشاهد. انظر: الدرء: ١/ ٢٩، والمذكرة في أصول الفقه للشنقيطي: ٣٣٩ - ٣٤٢، طبعة المجمع.
(٢) الرد على الجهمية والزنادقة: ص: ١٢٢.
(٣) قياس الشمول هو: قول مؤلف من قضايا إذا سلمت لزم عنها لذاتها قول آخر وهو محل عناية المناطقة. انظر: معيار العلم: ٩٨، التعريفات: ١٨١.
وأما قياس التمثيل فهو حمل فرع على أصل حكم بجامع بينهما وهو محل عناية الفقهاء. انظر: المذكرة للشنقيطي: ٤١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>