للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قال: أنا لا أعلم كيفيته.

قيل له: ونحن لا نعلم كيفية نزوله، إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، وهو فرع له، وتابع له. فكيف تطالبني بالعلم بكيفية سمعه وبصره وتكليمه ونزوله واستوائه، وأنت لا تعلم كيفية ذاته!

وإذا كنت تقرّ بأن له ذاتا حقيقة، ثابتة في نفس الأمر، مستوجبة لصفات الكمال، لا يماثلها شيء، فسمعه وبصره، وكلامه ونزوله واستواؤه ثابت في نفس الأمر، وهو متصف بصفات الكمال التي لايشابهه فيها سمع المخلوقين وبصرهم، وكلامهم ونزولهم واستواؤهم".

الشرح

وفي هذا النص جملة من الأمور يحسن معرفتها:

[الأمر الأول: توطئة.]

من الأصول المقررة عند أهل السنة والجماعة في باب الصفات، أن نفي العلم بالكيفية أحد الأصول الثلاثة التي قام عليها معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات، فإثبات أهل السنة والجماعة للصفات أحاطوه بجملة من المحترزات التي جعلته سليماً من الانحرافات التي وقع فيها المخالفون لهم في هذا الباب، من مشبِّهة ممثِّلة من جهة، ومن نفاة معطِّلة من جهة، وهذا الأصل احتراز من معتقد كلا الفريقين، لكن من جانب آخر، وهو قطع الطمع عن إدراك كيفية الصفات التي اتَّصَف الله -عز وجل- بها، ونفي إحاطة البشر بالكيفية التي عليها هذه الصفات.

[الأمر الثاني: تعريف التكييف.]

من المناسب في هذا الموضع ذكر تعريف للكيفية والتكيِّيف، قبل الشروع في توضيح باقي الأمور:

<<  <  ج: ص:  >  >>