فقولهم: إنه لا يتكلم، أو لا يَنزل، ليس في ذلك صفة مدح، بل هذه الصفات فيها تشبيه له بالمنقوصات أو المعدومات (١).
فالنفي البدعي فلا يثبت كمالًا لله تعالى، فهو كقول الشاعر:
قُبَيِّلَةٌ لا يَغدرون بذمة … ولا يظلمون الناس حبة خردل
فالشاعر لا يريد مدحهم، وإنما يريد أن يبين أنهم من المهانة والمذلة بحيث لا يستطيعون الغدر، ولا يَقدرون على ظلم أحد لضعفهم وهوانهم.
[الأمر الثامن: إن سلب النقائص والعيوب عن الله نوعان]
النوع الأول: سلب لمتصل.
«وضابطه: نفي كل ما يناقض صفة من صفات الكمال التي وصف الله بها نفسه، أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم؛ كنفي الموت المنافي للحياة، والعجز المنافي للقدرة، والسِّنة والنوم المنافي لكمال القيومية، والظلم المنافي للعدل، والإكراه المنافي للاختيار، والذل المنافي للعزة … »، إلخ.
النوع الثاني: سلب لمنفصل.
وضابطه: تنزيه الله سبحانه عن أن يشاركه أحد مِنْ خلقه في شييء من خصائصه التي لا تَنبغي إلا له.
وذلك كنفي الشريك له في ربوبيته؛ فإنَّه منفرد بتمام الملك والقوة والتدبير.
وكنفي الشريك له في أُلوهيته، فهو وحده الذي يجب أن يُؤلهه الخلق، ويُفردوه بكل أنواع العبادة والتعظيم.