[النصوص المتفق على معناها بين أهل السنة والأشاعرة]
المتن
قال المصنف رحمه الله:"وإن كان القائل يعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع في معناها من جنس ظاهر النصوص المتفق على معناها، والظاهر هو المراد في الجميع، فإن الله تعالى لما أخبر أنه بكل شيء عليم، وأنه على كل شيء قدير، واتفق أهل السنة وأئمة المسلمين على أن هذا على ظاهره، وأن ظاهر ذلك مراد - كان من المعلوم أنهم لم يريدوا بهذا الظاهر أن يكون علمه كعلمنا، وقدرته كقدرتنا.
وكذلك لما اتفقوا على أنه حي حقيقة، عالم حقيقة، قادر حقيقة، لم يكن مرادهم أنه مثل المخلوق الذي هو حي عليم قدير.
فكذلك إذا قالوا في قوله:{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة الآية: ٥٤]، {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}[المائدة الآية: ١١٩]، وقوله:{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[الأعراف: ٥٤]: إنه على ظاهره. لم يقتض ذلك أن يكون ظاهره استواء كاستواء المخلوق، ولا حبًّا كحبه، ولا رضًا كرضاه.
فإن كان المستمع يظن أن ظاهر الصفات تماثل صفات المخلوقين، لزمه أن لا يكون شيء من ظاهر ذلك مرادًا، وإن كان يعتقد أن ظاهرها هو ما يليق بالخالق ويختص به، لم يكن له نفي هذا الظاهر، ونفي أن يكون مرادا إلا بدليل يدل على النفي. وليس في العقل ولا في السمع ما ينفي هذا إلا من جنس ما ينفي به سائر الصفات، فيكون الكلام في الجميع واحدا".