للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأعتماد على مجرد نفي التشبيه لا يكفي في إثبات الصفات]

المتن

قال المصنف رحمه الله: "فصل: وأما في طرق الإثبات فمعلوم أيضًا أن المثبت لا يكفي في إثباته مجرد نفي التشبيه، إذ لو كفى في إثباته مجرد نفي التشبيه لجاز أن يوصف الله سبحانه وتعالى من الأعضاء والأفعال بما لا يكاد يحصى مما هو ممتنع عليه مع نفي التشبيه، وأن يوصف بالنقائص التي لا تجوز عليه مع نفي التشبيه، كما لو وصفه مفتر عليه بالبكاء والحزن والجوع والعطش مع نفي التشبيه، وكما لو قال المفتري: يأكل لا كأكل العباد، ويشرب لا كشربهم، ويبكي ويحزن لا كبكائهم ولاحزنهم، كما يقال: يضحك لا كضحكهم، ويفرح لا كفرحهم، ويتكلم لا ككلامهم، ولجاز أن يقال: له أعضاء كثيرة لا كأعضائهم، كما قيل: له وجه لا كوجوههم، ويدان لا كأيديهم، حتى يذكر المعدة والأمعاء والذكر، وغير ذلك مما يتعالى الله عز وجل عنه، سبحانه وتعالى عمّا يقول الظالمون علوًا كبيرًا".

الشرح

من سمات الحدث النقائص، كالجهل والعمى، والصمم، والبكم، فإن كل ما كان كذلك فهو لم يكن إلا محدثًا، لأن القديم الأزلي منزه عن ذلك، لآن القديم الأزلي متصف بنقيض هذه الصفات، وصفات الكمال لازمة له، واللازم يمتنع زواله إلا بزوال الملزوم، والذات قديمة أزلية، واجبة بنفسها، غنية عما سواها، يستحيل عليها العدم والفناء بوجه من الوجوه، فيستحيل اتصافها بنقيض تلك اللوازم، فلا يوصف بنقيضها إلا المحدث، فهي من سمات المحدث المستلزمة لحدوث من

<<  <  ج: ص:  >  >>