للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتصف بها.

وهذا يدخل في قول القائل "كل ما استلزم حدوثًا أو نقص فالرب منزه عنه" والنقص المناقض لصفات كماله مستلزم لحدوث المتصف به، والحدوث مستلزم للنقص اللازم للمخلوق، فإن كل مخلوق فهو يفتقر إلى غيره، كائن بعد أن لم يكن، لا يعلم إلا ما علم، ولا يقدر إلا ما أقدر، وهو محاط به مقدور عليه.

فهذه النقائص اللازمة لكل مخلوق هي ملزومة للحدوث، حيث كان حدوث كانت، والحدوث ملزوم لها فحيث كان محدث كانت هذه النقائص.

فقولنا: "ما استلزم حدوثًا أو نقصًا فالرب منزه عنه" حق، والحدوث والنقص اللازم للمخلوق متلازمان.

والرب منزه عن كل منهما من جهتين:

من جهة امتناعه في نفسه.

ومن جهة أنه مستلزم للآخر، وهو ممتنع في نفسه.

فكل منهما دليل ومدلول عليه باعتبارين على أن الرب منزه عنه، وعن مدلوله الذي هو لازمه.

والحاجة إلى الغير والفقر إليه مما يستلزم مما يستلزم الحدوث والنقص اللازم للمخلوق.

وقولي: "اللازم" ليعم جميع المخلوقين وإلا فمن النقائص ما يتصف به بعض المخلوقين دون بعض فتلك ليست لازمة لكل مخلوق.

والرب منزه عنها أيضًا، ولكن إذا نزه عن النقص اللازم لكل مخلوق فعن ما يختص به بعض المخلوقين أولى وأحرى، فإنه إذا كان مخلوق ينزه عن نقص مخلوق، فالخالق أولى تنزيهه عنه، وهذه طريقة "الأولى" كما دل عليها القرآن في غير

<<  <  ج: ص:  >  >>