للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان شِركهم بها من جهة محبتها مع الله؛ فَوَالَوْا عليها وعادوا عليها وتألَّهوها، وقالوا: هذه آلهة صِغار تُقَرِّبنا إلى الإله الأعظم؛ قال تعالى: {ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ والَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّه} [البقرة الآية: ١٦٥]، وهذا منهم كحال عبادتهم لهم؛ قال جل جلاله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى} [الزمر الآية: ٣].

ففرق بين محبة الله أصلًا، والمحبة له تبعًا، والمحبة معه شركًا، وعليك بتحقيق هذا الموضع فإنه مَفرق الطرق بين أهل التوحيد وأهل الشرك (١).

أقسام المحبة مِنْ حيث العموم:

تنقسم المحبة من حيث العموم إلى قسمين: (المحبة المشتركة والمحبة الخاصة).

[القسم الأول: المحبة المشتركة.]

وهي ثلاثة أنواع:

أحدها: محبَّة طبيعية؛ كمحبة الجائع للطعام، والظمآن للماء، ونحو ذلك، وهذه لا تَستلزم التعظيم.

الثاني: محبَّة رحمة وإشفاق؛ كمحبَّة الوالد لولده الطفل، وهذه- أيضًا- لا تستلزم التعظيم.

الثالث: محبة أُنس وإِلْف، وهي محبة المشتركين في صناعة أو عِلم أو مُرافقة أو تجارة أو سفر لبعضهم بعضًا، وكمحبة الإخوة بعضهم بعضًا.

فهذه الأنواع الثلاثة التي تَصلح للخَلْق؛ بعضهم من بعض، ووجودها فيهم


(١) انظر: «روضة المحبين» (ص ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>