إبْلِيسُ وَجَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ.
قَالَ لِي: فَقَدْ يُضَافُ الشَّيْءُ إلَى اللَّهِ عَلَى سَبِيلِ التَّشْرِيفِ كَقَوْلِهِ: {نَاقَةُ اللَّهِ} وَبَيْتُ اللَّهِ.
قُلْت لَهُ: لَا تَكُونُ الْإِضَافَةُ "تَشْرِيفًا حَتَّى يَكُونَ فِي الْمُضَافِ مَعْنًى أَفْرَدَهُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي النَّاقَةِ وَالْبَيْتِ مِنْ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ مَا تَمْتَازُ بِهِ عَلَى جَمِيعِ النُّوقِ وَالْبُيُوتِ لَمَا اسْتَحَقَّا هَذِهِ الْإِضَافَةَ وَالْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ فَإِضَافَةُ خَلْقِ آدَمَ إلَيْهِ أَنَّهُ خَلَقَهُ بِيَدَيْهِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ خَلَقَهُ بِيَدَيْهِ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَهُ بِيَدَيْهِ وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ بِقَوْلِهِ: كُنْ فَيَكُونُ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ إذَا قَالُوا: {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك الآية: ١ [أَوْ عَمِلَتْهُ يَدَاك فَهُمَا شَيْئَانِ:
(أَحَدُهُمَا) إثْبَاتُ الْيَدِ.
وَ (الثَّانِي) إضَافَةُ الْمُلْكِ وَالْعَمَلِ إلَيْهَا.
وَالثَّانِي يَقَعُ فِيهِ التَّجَوُّزُ كَثِيرًا أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُمْ لَا يُطْلِقُونَ هَذَا الْكَلَامَ إلَّا لِجِنْسِ لَهُ " يَدٌ " حَقِيقَةً وَلَا يَقُولُونَ: " يَدُ " الْهَوَى وَلَا " يَدُ " الْمَاءِ فَهَبْ أَنَّ قَوْلَهُ: {بِيَدِهِ الْمُلْكُ] {الملك الآية: ١ [قَدْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقُدْرَتِهِ لَكِنْ لَا يُتَجَوَّزُ بِذَلِكَ إلَّا لِمَنْ لَهُ يَدٌ حَقِيقَةً وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَوْله تَعَالَى {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص الآية: ٧٥]، وَقَوْلِهِ: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس. الآية: ٧١ [مِنْ وَجْهَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا): أَنَّهُ هُنَا أَضَافَ الْفِعْلَ إلَيْهِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ خَلَقَهُ بِيَدَيْهِ وَهُنَاكَ أَضَافَ الْفِعْلَ إلَى الْأَيْدِي.
(الثَّانِي): أَنَّ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ أَنَّهُمْ يَضَعُونَ اسْمَ الْجَمْعِ مَوْضِعَ التَّثْنِيَةِ إذَا أُمِنَ اللَّبْسُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة الآية: ٣٨ [أَيْ: يَدَيْهِمَا وَقَوْلِهِ: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم الآية: ٤ [أَيْ: قَلْبَاكُمَا فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس. الآية: ٧١ [" (١).
(١) مجموع الفتاوى (٦/ ٣٥٤ - ٣٧٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute