للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقلبه، قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} (١).

وقيل لابن عباس: بماذا نلت العلم؟

قال: "بلسانٍ سؤولٍ وقلبٍ عقولٍ"، لكن لفظ القلب قد يُرَادُ به:

ا-المضغة الصنوبرية الشكل التي في الجانب الأيسر من البدن، التي جوفها علقة سوداء، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" متفق عليه (٢).

٢ - وقد يراد بالقلب باطن الإنسان مطلقًا، فإن قلب الشيء باطنه، كقلب الحنطة، واللوزة والجوزة، ونحو ذلك، ومنه، سمي القُليب قُليبًا، لأنه أخرج قلبه وهو باطنه، وعلى هذا فإذا أريد بالقلب هذا فالعقل متعلق بدماغه أيضًا، ولهذا قيل: إن العقل في الدماغ كما يقوله كثير من الأطباء، ونقل ذلك عن الإمام أحمد، ويقول طائفة من أصحابه: (إن أصل العقل في القلب، فإذا كمل انتهى إلى الدماغ).

والتحقيق "أن الروح التي هي النفس لها تعلق بهذا وهذا، وما يتصف من العقل به يتعلق بهذا وهذا، لكن:

مبدأ الفكر والنظر في الدماغ.

ومبدأ الإرادة في القلب.

والعقل يراد به العلم، ويراد به العمل، فالعلم والعمل الاختياري أصله الإرادة، وأصل الإرادة في القلب، والمريد لا يكون مريدًا إلا بعد تصور المراد، فلابد أن يكون القلب متصورًا، فيكون منه هذا وهذا، ويبتديء ذلك من الدماغ وآثاره صاعدة


(١) الآية ٤٦ من سورة الحج
(٢) أخرجه البخاري في الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه ١/ ١٢٦ ح ٥٢، ومسلم، كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات ٥/ ٥٠ - ٥١

<<  <  ج: ص:  >  >>