للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُذَلَّل. وفي الشرع: عِبارة عمَّا يَجمع كمال المحبة والخُضوع والخَوف» (١)، فعند تعريفها في الشرع زاد فيها معنى آخر، وهو المحبة.

قال شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «والعبادة تجمع كمال المحبة وكمال الذُّلِّ؛ فالعابد محبٌّ خاضع، بخلاف مَنْ يحب مَنْ لا يخضع له، بل يحبه ليتوسل به إلى محبوب آخر، وبخلاف مَنْ يخضع لمن لا يحبه كما يخضع للظالم؛ فإنَّ كلًّا مِنْ هذين ليس عبادة محضة» (٢).

وقال ابن القيم رحمه الله: «والعبودية مَدَارها على قاعدتين هما أصلها: حُبٌّ كاملٌ وذُلٌّ تامٌّ، ومنشأ هذين الأصلين … هما مُشاهدة المِنَّة التي تُورث المحبة ومطالعة عيب النَّفس والعمل التي تورث الذل التَّام، وإذا كان العبد قد بَنى سلوكه إلى الله تعالى على هذين الأصلين لم يَظفر عدوه به إلا على غِرَّة وغِيلة، وما أسرع ما يُنعشه الله عز وجل ويجبره ويتداركه برحمته» (٣).

المسألة الثانية: استعمالات كلمة (عبد) في الشرع.

استُعملت كلمة (عبد) في الشرع على عِدَّة أقسام:

القسم الأول: عبودية الرِّقِّ، كما جاء في قوله: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل الآية: ٧٥]، فالمراد بالعبد هنا: العَبد الرَّقيق المملوك؛ فتُطلق العبودية ويُراد بها عبودية الرِّقِّ.

القسم الثاني: العبودية العامَّة؛ حيث تُطلق العبودية ويُراد بها العبودية العامَّة؛ أي: عبودية الربوبية، كما في قوله: {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا}


(١) «تفسير ابن كثير» (١/ ١٣٤).
(٢) «قاعدة في المحبة» لابن تيمية (ص ٩٨).
(٣) «الوابل الصَّيِّب من الكلم الطيب» لابن القيم (ص ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>