عز وجل واستكبر عن عبادته كان ممن قال الله فيه {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر: ٦٠] لأن الله عز وجل قد أخذ الميثاق على جميع الأنبياء وعلى أممهم أن يؤمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم لأن رسالته عامة إلى الثقلين الإنس والجن، وهو خاتم الرسل عليهم الصلاة والسلام، وقد أتى بالحنيفية السمحة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم، فمن لم يتبعه لم يكن على دين الله الذي رضيه لعباده ولم يكن مؤمنًا بأحد من أنبياء الله ورسله لأنهم أمة واحدة ودينهم واحد، فمن كفر بواحد منهم كان كافراً بجميعهم وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ* وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}[المؤمنون: ٥١ - ٥٢].
وقال تعالى {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء: ٩٢].
فبين أنهم أمة واحدة ودينهم واحد وإن اختلفت شرائعهم وقال تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}[الشورى: ١٣].
فبين سبحانه وتعالى أن دين هؤلاء جميعاً واحد وهو عبادة الله وحده لا شريك له فهو الدين الذي شرعه لرسله الأخيار المذكورين في الآية وهم صفوة الصفوة وأولوا العزم من الرسل فلو كان دينًا آخر خير منه لما شرع الله لهم هذا الدين الكامل الذي به سعادة الدنيا والأخرة.
المتن
قال المصنف رحمه الله تعالى:"فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره كان مشركا، ومن لم يستسلم له كان مستكبرًا عن عبادته، والمشرك به والمستكبر عن عبادته كافر، والاستسلام له وحده يتضمن عبادته وحده وطاعته وحده".