للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَكها ويدور مع محورها.

فهذه المحبة مِنْ أعظم واجبات الإيمان وأكبر أصوله، بل ومن أوجب العِبادات المُناطة بقلب المؤمن، ذلك لأنَّه لابد في إيمان القلب من حب الله ورسوله، وأن يكون الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- إليه مما سواهما.

فهي أصلُ كلِّ عمل من أعمال الإيمان والدِّين، كما أن التصديق به أصل كلِّ قول من أقوال الإيمان والدِّين؛ فإنَّ كل حركة في الوجود إنما تَصدر عن محبة؛ إمَّا عن محبة محمودة، أو عن محبة مذمومة.

فجميع الأعمال الإيمانية الدينية لا تَصدر إلا عن المحبة المحمودة، وأصل المحبة المحمودة: هي محبة الله سبحانه وتعالى؛ إذ العملُ الصادر عن محبة مذمومة لا يكون عملًا صالحًا عند الله، بل جميع الأعمال الإيمانية الدينية لا تصدر إلا عن محبة الله؛ فإنَّ الله تعالى لا يَقبل مِنْ العمل إلا ما أُريد به وجهه؛ كما ثبت في «الصَّحيح» عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يَرويه عن ربِّه أنه قال: «أنا أغنى الشُّركاء عن الشرك؛ مَنْ عَمِل عملًا أَشرك فيه معي غيري تَرَكْتُه وشِرْكَه» (١).

فإخلاصُ الدِّين لله هو الدِّين الذي لا يَقبل الله سواه، وهو الذي بَعث به الأَوَّلين والآخرين من الرُّسل، وأنزل به جميع الكتب، واتَّفق عليه أهلُ الإيمان.

وهذا هو خلاصةُ الدَّعوة النبوية، وهو قُطب القرآن الذي تدور عليه رَحاه (٢)، فأصلُ الدِّين وقاعدته يتضمن أن يكون اللهُ هو المعبود الذي تحبه القلوب وتخشاه ولا يكون لها إله سواه، والإله: ما تألهه القلوب بالمحبة والتعظيم والرجاء والخوف والإجلال والإعظام ونحو ذلك.


(١) أخرجه مسلم في «صحيحه»، كتاب (الزهد)، باب (مَنْ أشرك في عمله غير الله) (٨/ ٢٢٣).
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٢/ ٤٨، ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>