للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منزه تنزيهاً مطلقاً عن كل نقص، وواجب له كل كمال، ومنزه في كماله عن كل مثال، فامتنع أن يضاف ذلك إلى الله تعالي" (١).

وهذا الحد هو ما أراده أئمة السنة، ممن بين معنى التشبيه بأنه قول المشبه: يد الله كيدي، أو مثل يدي، وسمع الله كسمعي، أو مثل سمعي، كما بين ذلك الإمام إسحاق بن راهويه (٢)، وأحمد بن حنبل (٣)، وعثمان بن سعيد الدارمي (٤)، رحمهم الله، وغيرهم، مما يبين أن المحذور إنما هو في إضافة شيء من خصائص صفة المخلوق إلى صفة الخالق، إذ هذا ما يفه من قولهم عن المشبهة: (يد الله كيدي)، كما يبين أن مفهوم التشبيه عندهم لا يتحقق بمجرد إضافة الصفة الله، بل غالب أقوالهم في نفي التشبيه تتضمن الدلالة على أن إثبات الصفة الله لا يعتبر تشبيها.

وبهذا يتبين أن المحذور: إثبات شيء من خصائص أحدهما للآخر، وقولنا: إثبات الخصائص إنما يراد: إثبات مثل تلك الخاصة، وإلا فإثبات عينها ممتنع مطلقا (٥)، وسيأتي البيان بأن التمثيل منفي بين الخالق والمخلوق جملة وتفصيلا، سواء كان تمثيلا من كل وجه، أو تمثيلا من وجه دون وجه، لأن لفظ التمثيل قائم على اشتراك المتماثلين في الحقيقة والكيفية.


(١) انظر: تحريم النظر في كتب الكلام لابن قدامة (٧٩)، بيان تلبيس الجهمية (١/ ٥٨٨)، درء تعارض العقل والنقل (٤/ ١٤٦) (٥/ ٨٤، ٣٢٧)، منهاج السنة النبوية (٢/ ٥٢٩، ٥٩٥)، مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (٦/ ٣٥ - ٣٦)، التدمرية (٣٩ - ٤٠، ١٢٤).
(٢) انظر: جامع الترمذي (٣/ ٥٠)، اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم (١٥٣)، فتح الباري (١٣/ ٤٠٧).
(٣) انظر: إبطال التأويلات لأبي يعلى (/ ١/ ٤٣ - ٤٥)، المختار في أصول السنة لابن البنا (٩١)، درء تعارض العقل والنقل (٢/ ٣٢)، بيان تلبيس الجهمية (١/ ٤٧٦ - ٤٧٧).
(٤) انظر: نقض الدارمي على المريسي (١/ ٤٣٥ - ٤٣٦).
(٥) منهاج السنة النبوية (٢/ ٥٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>